تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

استحضر يوم الحديبية وصوَّر له الخيال أن حالنا على موائد (الحوار) كحال جده ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم الحديبية، ويوم الحديبية شاعَ .. شاعَ ... ، فقط شاعَ أن رجلاً واحداً من (المستضعفين) (المحرمين) الذين لم يأتوا لقتال ولم يستعدوا للقتال، وقد بعدوا عن ديارهم وباتوا في ديار عدوهم في قلب كنانة وقيس ـ نصف مليون من الأعداء تقريباً ـ وكانوا بالأمس على أبواب المدينة يريدون الدعوة كلها .. حين شاعَ أن رجلا ممن هذا حالهم قتل، هبُّوا وبايعوا على القتال حتى يأخذوا ثأر صاحبهم. وقبل يوم الحديبة هم بأنفسهم الذين خفُّوا لبني قينقاع حين كشفوا سوءة امرأة لحظة من الزمن. فدعك من يوم الحديبية لا تستشهد به. لا حالنا حالهم، ولا نجرأ أن نقول بقولهم، ولا أن نفعل فعالهم. إن أعراضنا في كل مكان تنتهك ودمائنا في كل مكان تسفك، وعدونا في عقر دارنا، ولا تستطيع ولا أستطيع أن ندفع عنهم، دعك من يوم الحديبية. لا شأن ليوم الحديبية بالحوار بين الأديان. إن أنسب مثالٍ للحوار بين الأديان الذي ندعى إليه هو مفاوضات قريش في مكة مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي قال عنها الله (ودوا لو تدهنوا فيدهنون).

إن كل متدبر لحال الكفر مع الإيمان يجد أن أهل الكفر يسلكون طريقين لصد الناس عن دين الله، طريق الجدال وطريق القتال، وهذا قول الله تعالى {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [غافر: من الآية 5]. يجادلون وفي ذات الوقت يقاتلون.

الجدال للتمويه وللتشويش على الغافلين والمغفلين ودوامة للاستقطاب جهد المخلصين الطيبين، والقتال وسيلة الجاهلية للاستئصال الحق، كذا كانت قريش {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: من الآية 121]، تجادل في ذات الوقت الذي تفتن فيه المؤمنين، والحال اليوم كما كان بالأمس الساحة جدالٌ وقتال.

فلن يعطيك هؤلاء صلحاً إلا أن يرون منك بأساً، وكذا كانت قريش يوم الحديبية، لم تجلس للصلح إلا بعد أسر الثلاثين من فرسانها، وخيبة فارسها ـ خالد بن الوليد يومها ـ في الغدر بالمسلمين وهم يصلون.

ـ إنهم الكافرون يقاتلون ويجادلون. فيسعنا أن نسكت، أم أن نجتزئ الواقع ونقرأه قراءة خاطئة فلا. ولا.

ـ أرتاب من تلك المصطلحات (الإصلاح) فعند العارفين أن دعوى (الإصلاح) في القديم والحديث مرتبطة بالنفاق، ولا أرمي الشيخ بالنفاق أعوذ بالله من ذلك ولكن أتكلم عن دعوى (الإصلاح)، مرتبطة من يوم ظهرت بالنفاق، قال الله {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: 11] والسياق عن المنافقين. وحديثاً رفع أتاتورك شعار (الإصلاح)، ورفع محمد عبده (الإصلاح) فكان ثمرة (إصلاحه) جامعة القاهرة وسعد زغلول وزوجة سعد زغلول ومن دخل عليها سعد زغلول وكشف غطاء وجهها، ولطفي السيد ... الخ.

وأرتاب من (حضارتنا) و (ثقافتنا) و (المقدسات) و (الاحترام) كلها من بضاعة غيرنا، وقد جاءنا بها نبينا بيضاء ناصعة لا حاجة لنا في سواها.

وإن الخوارج هم الذين يشتدون على أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان من عباد البقر والشجر والصلبان. وليس هذا حال من يرفض الحوار بعد أن جربناه سنين طويلة.

محمد جلال القصاص

ليلة الثلاثاء / 12/ 6/ 1429هـ

الموافق / 16/ 6 / 2008

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[20 Jun 2008, 01:31 ص]ـ

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فقد مرت بالأمة منذ فجر تاريخها أوقات بلغت فيها القوة .. ومرت بها كذلك أوقات بلغت قاع الضعف، هذا في الجملة.

ومع ذلك فإننا لم نعلم أنّ أئمة السلف تداعوا للحوار مع المخالفين والجلوس معهم والتصافي وإشاعة أجواء الألفة والمحبة معم .. سواء في ذلك المخالفون من المنتسبين للإسلام و الكفار.

و أمّا الآن فأصبح الحوار والتنادي له وبه (موضة) عصرية كما يُقال ..

وأصبحت أخبار مؤتمرات الحوار تتصدر عناوين الصحف ..

وكنت لا آبه كثيراً لها لأني على يقين أنّها لن تتعدى الشكليات ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير