تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبلَغ عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ ـ رحِمَه اللهُ ـ أنّ غيلان القدريّ يقولُ في القدَرِ، فبعثَ إليهِ فحجَبه أياماً، ثم أدخلَه علَيه، فقالَ يا غيلان! ما هَذا الذي بلغَني عنك؟ قالَ عمرو بن مهاجر: فأشرتُ إليهِ ألاّ يقولَ شَيئاً، قالَ: فقالَ: نعَم يا أميرَ المؤمنين، إنّ اللهَ عزّ وجلّ يقولُ: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا} قال عمرُ: اِقرَأ إلى آخرِ السّورة: {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله} ثمّ قالَ: ما تقولُ يا غَيلان؟ قالَ: أقول: قد كُنت أعمَى فبصّرتَني، وأصمّ فأسمَعتني، وضالاً فهدَيتني، فقالَ عمر: اللّهمّ إن كانَ عبدُك غيلانُ صادِقاً وإلاّ فاصلِبه! قالَ: فأمسكَ عن الكلامِ في القدرِ، فوَلاّه عمرُ بن عبدِ العزيز دارَ الضّربِ بدِمَشق، فلمّا ماتَ عمرُ بن عبد العزيز وأفضَت الخلافةُ إلى هشامٍ تكلّمَ في القدرِ، فبعثَ إليه هشامٌ فقطَعَ يدَه، فمرّ بهِ رجلٌ والذّباب على يدِه، فقالَ: يا غيلانُ! هذا قضاءٌ وقدَر، قال: كذَبتَ، لعمرُ اللهِ ما هذا قضاءٌ ولا قدَر، فبعثَ إليهِ هشامٌ فصلَبَه».

هذا بالنسبة لموقف ولاة الأمر ..

أما العلماء فموقفهم معروف أنقل هنا نتفاً منه:

عن حُمَيد الأعرجِ قال: قدمَ غيلانُ مكّةَ يجاوِرُ بِها، فأتَى غيلانُ مجاهداً فقالَ: يا أبا الحجّاجِ، بلَغَني أنّكَ تنهَى النّاسَ عنّي وتذكرني، وأنّه بلغكَ عنّي شيءٌ لا أقولُه؟ إنّما أقولُ كذا، فجاءَ بشيءٍ لا يُنكَر، فلمّا قامَ قالَ مجاهِد: لا تجالِسُوه؛ فإنّه قدَرِيّ.

قالَ حُميد: فإنّي لمّا كنتُ ذاتَ يومٍ في الطّوافِ لحِقَني غيلانُ مِن خلفِي يجذِبُ ردائي، فالتفتُّ فقالَ: كيفَ يقولُ مجاهِد خرفاً كذا وكذا فأخبرتُه، فمشَى معي، فبصُر بِي مجاهدٌ معَه، فأتيتُه فجعلتُ أكلّمُه فلا يردّ عليّ، وأسألُه فلا يجيبُني .. فغدوتُ إليهِ فوجدتُه على تلكَ الحالِ، فقلت: يا أبا الحجاج! أبلغَكَ عنّي شيءٌ؟ ما أحدثتُ حدَثاً، ماَ لي! قال: ألَم أركَ مع غيلانَ ‍! وقد نهيتُكم أَن تكلِّمُوه أو تجالِسُوه؟ قالَ: قلتُ: يا أبا الحجّاج ما أنكرتُ قولَك، وما بدأتُه، وهو بدأني، قالَ: واللهِ يا حُميد لولاَ أنّك عندي مُصَدّقٌ ما نظرتَ لي في وجهٍ منبسِطٍ ما عِشتُ، ولئِن عُدتَ لا تنظرُ لي في وجهٍ منبسطٍ ما عِشتُ.

وعن أيّوبَ قالَ: كنتُ يوماً عند محمّدِ بن سيرين إذ جاءَ عمروبنُ عبيد فدخلَ، فلمّا جلسَ وضعَ محمّد يدَه في بطنِه وقامَ، فقلتُ لِعَمرو: انطلِق بِنا، قالَ: فخرَجنا فلمّا مضىَ عمرُو رجعتُ فقلتُ: يا أبَا بكر؟ قد فطِنتُ إلى ما صنعتَ، قالَ: أقَد فطِنتَ؟ قلتُ: نعَم! قالَ: أما إنّه لم يكن ليضُمّني معَه سقفُ بيتٍ.

وقيلَ: دخلَ ابنُ عبيدٍ دارَ ابنَ عونٍ فسكتَ ابنُ عونٍ لما رآه، وسكتَ عمرو عنه، فلَم يسألْهُ عن شيءٍ، فمكثَ هنيهةً ثمّ قام فخرج، فقالَ ابنُ عون: بِمَ استحلّ أن دخلَ داري بغيرِ إذْني؟ ـ مراراً يردّدُها ـ أمَا إنّه لو تكلّم.

وعن مؤمّلِ بنِ إسماعيلَ، أنه قالَ: قالَ بعضُ أصحابِنا لحمّاد بن زيد: ما لكَ لم ترْوِ عن عبدِ الكريمِ إلاّ حديثاً واحداً؟ قال: ما أتيتُه إلا مرّةً واحدةً لمساقهِ في هذا الحديثِ، وما أحبُّ أنّ أيوبَ علِمَ بإتياني إليهِ، وأنّ لِي كذَا وكذَا، وإنّي لأظنّه لو علِمَ لكانت الفصيلةَ بيني وبينَه.

وعن حمّادِ بن زيدٍ قالَ: لقِيَني سعيدُ بنُ جبير فقالَ: ألم أركَ مَع طَلق؟ قلتُ: بلَى! فما لَه؟ قالَ: لا تجالِسْه فإنّه مرجِئ.

وعن محمّد بن واسِع قال: رأيت صفوانَ بن محرِز رأى قوماً يتجادلُون، قرِيباً منه، فقامَ ينفضُ ثيابَه ويقولُ: إنّما أنتُم جُرُب، مرتين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير