كما أن اليهود والنصارى لن ترضى عنا حتى نتبع ملتهم ..
{ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل ان هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير} [البقرة:120]
فهذه النغمة يجب أن يكف عنها طلبة العلم والعلماء لأن مدلولاتها غير شرعية في الأغلب.
قال ابن القيّم في سبب تحريف شريعة النصارى: «وانضاف إلى هذا السبب ما في كتابهم المعروف عندهم بافر كسيس أن قوماً من النصارى خرجوا من بيت المقدس وأتو أنطاكية وغيرها من الشام، فدعوا الناس إلى دين المسيح الصّحيح، فدعوهم إلى العمل بالتوراة، وتحريم ذبائح من ليس من أهلها، وإلى الختان وإقامة السبت، وتحريم الخنزير وتحريم ما حرمته التوراة، فشقّ ذلك على الأمم، واستثقلوه، فاجتمع النصارى ببيت المقدس وتشاوروا فيما يحتالون به على الأمم ليحبّبوهم إلى دين المسيح ويدخلوا فيه، فاتفق رأيهم على مداخلة الأمم والترخيص لهم والاختلاط بهم، وأكل ذبائحهم، والانحطاط في أهوائهم، والتخلّق بأخلاقهم وإنشاء شريعة تكون بين شريعة الإنجيل وما عليه الأمم».
يقول الدكتور: (فلا أدري: لماذا يتوجسُ بعضنا خيفةً من الحوار، بل من الدعوة إلى الحوار؟! سواء أكان الحوار مع المخالفين لنا في أصل الدين من الكفار، أو مع المخالفين لنا في بعض (المعتقدات) من المسلمين)
أقول: من العجب أن الدكتور لا يدري لما يتوجس البعض من الحوار!
كل هذا الزخم الإعلامي العالمي الذي ينادي من عقود عدة إلى الحوار بين الأديان والجلوس على موائده من أين صدر؟
ألم يصدر من جهات غربية كافرة ..
ألا يحق للمسلم أ يتوجس ويخاف من دعوة مصدرها الكفار؟
دعنا مما يقوله فكر المؤامرة ..
ولنقرأ ماذا قال لنا ربنا تعالى عن المخالفين لنا من الكفار بشتى مللهم: هل يريدون بنا خيراً أم شراً أم لا هذا ولا ذاك؟
{ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى ياتي الله بامره ان الله على كل شيء قدير} [البقرة:109]
{ما يود الذين كفروا من اهل الكتاب ولا المشركين ان ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [البقرة:105]
{يا ايها الذين امنوا ان تطيعوا الذين كفروا يردوكم على اعقابكم فتنقلبوا خاسرين} [ال عمران:149]
يقول الدكتور: (هل هو رفض مبدأ الحوار الذي لا يكون إلا من ضعيف الحجة؟ وهذا ما لا يجوز أن يقع من مسلمٍ عَلِمَ أنّ الله تعالى قد حباه بالدين الحق الذي ليس سواه إلا الباطل؟)
أقول: هذه الشنشنة التي يدندن حولها التغريبيون المنادون بالحرية: ألا وهو أنا أصحاب حق وثقافة قوية لا نخشى الانفتاح ولا الحوار مع الآخر .. أتعجب من الدكتور حين يردد ما يردده هؤلاء.
بل والأشد من هذا أن يعتبر رفض الحوار لا يكون إلا من ضعيف الحجة ..
حسناً سأنقل للجميع موقف بعض أئمة السلف التي تُعتبر عند الدكتور دليلاً على ضعف الحجة:
عن أيّوبَ قالَ: دخلَ رجلٌ على ابنِ سيرينَ فقالَ: يا أبا بَكر! اقرأُ عليكَ آيةً من كتابِ اللهِ لا أزيدُ أن أقرأَها ثمّ أخرُجُ؟ فوضعَ إصبعَيه في أذنَيهِ، ثمّ قالَ: أعزِمُ عليكَ إن كنتَ مسلِماً إلاّ خرجتَ من بيتِي، قالَ: فقالَ: يا أبا بكر! لا أزيدُ على أَن أقرأَ (آيةً) ثم أخرجُ، فقامَ لإزارِه يشدّه وتهيّأَ للقيامِ، فأقبلنا على الرّجلِ، فقلنا: قَد عزمَ عليكَ إلاّ خرجتَ، أفيَحِلّ لك أن تُخرِجَ رجلاً من بيتهِ؟ قالَ: فخرجَ، فقُلنا: يا أبا بكر! ما عليكَ لو قرأَ آيةً ثمّ خرجَ؟ قال: إنّي واللهِ لو ظننتُ أن قلبِي يثبتُ على ما هوَ عليهِ ما باليتُ أن يقرأَ، ولكن خِفتُ أن يلقِيَ في قلبي شيئاً أجهدُ في إخراجهِ من قلبي فلا أستطيع.
¥