? {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ [150] أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ [151] وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [152] أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ [153] مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [154]} [الصافات].
? {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ [35] مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [36]} [القلم].
إنها استفسارات توقظ الهمم، وتحرك سكون أولي النهى والأحلام؛ ليستفيقوا من غفلة وجدوا أنفسهم فيها منهمكين، وعنها يدودون، ظنا منهم أنهم بالحق مستمسكون.
2 - ما القدر المعجز من القرآن الكريم؟
عن جواب هذا السؤال نرى ما ساقه ابن حزم في مراتب الإجماع شيئا مسكتا لطالبي الحق؛ لذلك ننقله كما جاء هناك:
" واتفقوا أن محمدا- صلى الله عليه وسلم- دعا العرب إلى أن يأتوا بمثل هذا القرآن فعجزوا عنه كلهم".1
ونقل في هامش كتاب الملل والنحل.2
"لا يختلف اثنان في أن كل شيء في القرآن قرآن معجز, ثم تعارضهم في تحديدهم المعجز بسورة فصاعدا, فنقول أخبرونا ماذا تعنون بقولكم إن المعجز مقدار سورة كاملة لا أقل أم مقدار الكوثر في الآيات؟ أم مقدارها في الكلمات؟ أم مقدارها في الحروف؟ ولا سبيل إلى وجه خامس. فإن قالوا مقدار سورة تامة لا أقل لزمهم أن سورة البقرة حاشا آية واحدة أو كلمة واحدة من أخرها أو من أولها ليست معجزة، وهكذا كل سورة وهذا كفر مجرد لا خفاء فيه؛ إذ جعلوا كل سورة في القرآن سوى كلمة من أولها أو من وسطها أو من أخرها فمقدور على مثلها, وإن قالوا مقدارها من الآيات لزمهم أن آية الدين ليست معجزة كآية الكرسي وآيتان إليهما لأنها ثلاث آيات وهذا غير قولهم ومكابرة أيضا ... وإن قالوا عدد الحروف لزمهم شيئان مسقطان لقولهم أحدهما إبطال احتجاجهم بقوله تعالى: {بسورة من مثله} لأنهم جعلوا معجزا ما ليس بسورة ولم يقل تعالى بمقدار سورة, فلاح تمويههم .... "1
3. نموذج إعجاز الكلمة القرآنية
آية الحديد وعبارة " أنزلنا " {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: 25] [الحديد: 25].
" الحديد هو المعدن الوحيد الذي يستحيل تشكيله في مجموعتنا الشمسية لأنه يحتاج إلى ضغط وحرارة لتكوين ذراته تزيد أربع مرات عما هو متوافر في كل المجموعة الشمسية. وأن ما هو موجود على الأرض أصله من الشهب والنيازك الساقطة على الأرض والغبار الكوني الناتج عن انفجارات كونية لشموس أضخم من شمسنا ...
إن حقيقة كهذه لا يعلمها غالبية سكان الأرض الآن في القرن العشرين فكيف عرف ذلك الأمي مالا يعرفه مثقفو اليوم؟ لماذا لم يقل وأخرجنا الحديد فيه بأس شديد كما قال في الزرع والمياه؟ بل قال:
- {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25] 1
إنها حقائق علمية يفوح من عطرها صدق آيات الله في الآفاق وتبوح بذاتها عن أسرارها موفية بذلك عهد الله ووعده:
- {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض و نئا بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به, من أضل ممن هو في شقاق بعيد سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق, أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} [فصلت: 51 - 53].
إنها كلمة واحدة من كتاب الله كشفت عن سرها الأبحاث العلمية وتبين صدق ما سبق قوله: إن كل كلمة، بل وكل حرف في القرآن معجز.
- {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}
[فصلت: 53].
إذا زاغت الأبصار واختلت العقول، وشك في النقول، ومرضت القلوب بهوى النفوس فآيات القرآن وآيات ما أبدع الرحمان تهديهم إلى الإيمان وإلى طريق الرشاد. إنها حجة الله على خلقه, فهل يبقى بعدها للمنكر من تأويل؟
4 - بين القول بالإعجاز البلاغي وتعليم الناس الكتاب والحكمة
¥