[التوبة: 111]
فهل بانت لنا شناعة من يؤمن أو من يهتم بأقوال قيل أنها جاءت لمعارضة القرآن؟ بأنها كفر صريح بنص الآية.
إنه لمقت كبر عند الله وعند الذين آمنوا. فمن يجرؤ على تكذيب القرآن؟
6. بين تعليم الكتاب والسعي في معاجزته
فالفرق واضح بين المسلمين وغيرهم ممن سعى في الاحتكاك ببلاغة القرآن، فالمسلم يؤمن بالكتاب ويحتك ببلاغته من باب التعليم والمحاكاة والاقتداء بالأسلوب القرآني مع تعظيمه، بينما غيره يسعى في معاجزة القرآن إظهار للنقائص وعرضا للإشكالات التي ألَّفها ذهنه فهؤلاء توعدهم القرآن بما يلي:
1ـ كونهم من أصحاب الجحيم في الآخرة:
{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [الحج: 51]
2ـ تخصيصهم بالعذاب من نوع الرجز الأليم في الدنيا والآخرة وذلك لإطلاق الخبر (والرِّجْز: القَذَر مثل الرِّجْس: والرِّجْز: العذاب.)
{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ} [سبأ: 5]
3ـ انتسابهم للعذاب إذ هم فيه محضرون:
{وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} [سبأ: 38]
7 - هل نقبل القول بالتفسير العلمي للقرآن أم نرده؟
فالسؤال قديم جديد وكل تعامل معه وفق مبلغه من العلم، وانشطروا بين مؤيد ومعارض وبين من يقبل بشروط.
وما انقسم رأيهم وتشعب إلا عن اجتهاد، مما يدفعنا للتساؤل هل استندنا في مواقفنا لنصوص تزيل اللبس، أم لمجرد اعتبار المصالح المرسلة؟
والمؤمن مأمور بالسير على درب العقل المسدد بالوحي لا بعقلنة النصوص وتجريدها عن روحانيتها أو إبعادها وتقديم المصالح عليها.
ما كان لمن انتسب إلى العلماء أن يكون إمعة يؤيد فلانا على طول كما يقال: أي يوافقه في كل ما يصدر عنه، وهذا هو عين الخطأ، أو يعارضه على نفس المبدأ، كما تفعل أحزاب المعارضة مع الحكومات. عوض الرجوع إلى الحق، والتثبت، والتبيّن، والانصياع للحق ونصرته بما أوتي المرء من قوة وعدة. فكم من أقوال للعلماء يغتر بها البسطاء وهي في حاجة إلى تحرير علمي يكشف جدواها ويبين مغزاها.
فالمسلم ما كان ليقول شيئا دون الرجوع إلى الله والرسول، ويستنطق كلام الله عن دلالات الطريق وأماراتها، ويمضي بنور من ربه.
ونطرق باب أبي الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الغماري الحسني رحمه الله للإجابة عن السؤال فيقول: "سألني هذا السؤال جماعة من العلماء بمصر والحجاز والمغرب، وكان هذا السؤال نفسه مما أخبر به (صلى الله عليه ويلم)، فروى البزار والطبراني في الكبير من حديث سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ? سترون قبل أن تقوم الساعة أشياء ستنكرونها عظاما تقولون هل كنا حدثنا بها، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله تعالى واعلموا أنها أوائل الساعة".?1
وإذا جاء الحديث بغير نهي عن البحث في مضمون الإعجاز العلمي أو الأخذ به فدلالة القرآن صريحة وواضحة {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53].
ويكفينا أننا أمة الوسط؛ والوسطية لا تتأتى إلا بين رذيلتين، رذيلة التطرف والتحجر، ورذيلة حاطب الليل فهو يجمع كل ما وصلت إليه يده من غير ترو في الأمور، وتثبيت.
ومن باب الوسطية والاعتدال أقول لكل المتكلمين عن الإعجاز العلمي في القرآن ما جئتم به من تتبع جزئيات الإعجاز العلمي في هذه الآية أو تلك جهد مبارك شكره الله لكم، وما ترنو إليه الأبصار وتتطلع إليه الأفئدة هو تلك النظرة الشمولية المتكاملة والتي تبصر الحقائق على ما هي عليه.
¥