تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فهلا تصبرنا حتى نستمد من كلام الله جوابا مسكتا. فهو يوضح بجلاء لا غبار عليه: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: 19]. {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ} [الشورى: 14]. {وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الجاثية: 17].

فسبحان الله كيف أغفل علماء الإسلام هذه التأكيدات الربانية ومضوا يزفون أقوالهم بين مؤيد ومعارض. فهل تبين لنا بأن القرآن الكريم سماه الله سبحانه وتعالى: "العلم" بالألف واللام الدالين على استغراق الجنس.

فما القول بالإعجاز العلمي للقرآن إلا شهادة حق نؤديها تصديقا لقوله تعالى {قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 95] فلا نكتف بالتصديق بل نتعداه لحمل الرسالة على أن نبقي على الوسطية والتي معتمدها لا إفراط ولا تفريط-.

وهل بعد هذا الإيضاح نجد في جانب أخر يكاد إجماع المتكلمين عن الإعجاز ينعقد ـ وبخاصة لدى المواقع المتخصصةـ وهم يحومون حول القول بأن ما يقارب أو يفوق ألف آية كلها لها دلالات إعجازية، أليس هذا القول تحكم ما لهم به من علم، إلا إتباع الظن؟ والتخصيص ألف آية هنا دليل جهل بعلم ما تبقى من الآيات.

ألم يأت زهاء ثلث القرآن قصص تؤكد باضطراد السنن الإلهية، وتناغمها مع العهود الربانية وكلماته التامات التي تنسج ضوابط استمرارية هذا الكون وبقائه إلى ما شاء ربك؟

ثم ألم يأت التشريع الرباني رحمة من ربك يدل على أفضل السبل وأيسرها للحياة القويمة في الدنيا والآخرة؟

ألم تأت الأمثال القرآنية تجسد العبرة وتيسر الفكرة وتدل على القصد؟

وما القرآن الكريم إلا آيات مبينات، وأمثال، وموعظة لقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} النور34.

تاهت البشرية في العلوم الإنسانية يمينا ويسارا، وما سمع الناس إلا أصوات محتشمة عن الاقتصاد الإسلامي قد تتوارى عن الأنظار بما أعجزها البيان عن الأسئلة الفلسفية حول التخيير والتسيير وما لم تحط به من خبرة في مجال السنن الإلهية لترفع لواء التحدي عاليا فوق كل الأنظمة والقوانين، والنظريات والأوهام.

جاءت السنن الإلهية بالضوابط للعلوم السياسية الحقيقية، كما كشفت منغلقات الأمور في مجال العلوم الإنسانية، فهل نعتز بها علوما يقينية ترفعنا فوق ظنون وأوهام فلاسفة الشرق و الغرب، ونظرياتهم الهائمة على وجهها في جل العلوم الإنسانية والتي لولا مناهج العلوم لجزمنا بأن كل حمولات منعطفات رفوفها مضيعة للوقت، وسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا. ونعوذ بالله أن نبخس الناس أشياءهم.

8ـ الإعجاز العلمي بين المتخصصين واللغويين:

فالمتتبع للمجلات العلمية المحكمة ليصاب بالدوران من جراء ما يكتب في هذا المجال، مما يجعلنا نتساءل: هل أصبحنا أوصياء على كتاب الله أم نحن له أتباع؟

ولئن وصف الربانيون تصادم الأمزجة وتقارع الآراء بقولهم "إنها قلقلة الأواني"، فهل نسعى لصرف رؤانا وتصوراتنا ونحتكم إلى كتاب الله؟ أم ترى عقولنا سادت المجال وصبغت كل شيء بصبغتها ولم تترك المجال لإسماع صوت القرآن؟ هل أصبحنا معتزلة جددا؟.

إنه بمقتضى الإجابة عن هذه الأسئلة تحل المشكلة؛ إذ العبرة والاتعاظ والتذكر من شأن المنيبين من الخلائق لا من شأن غيرهم.

نعم نرى من كتاباته ملئت أخطاء لغوية، فضلا عن أنها حشيت ألفاظا غريبة دخلت علينا عبر بوابة المترجم، فهل لمثل هؤلاء حق في الكلام عن الإعجاز؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير