تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

?قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ? [الحديد: 13]، ويستغرب المنافقون الموقف ويستفسرون عن السبب: ? يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ؟ ?، ويجيب المؤمنون إجابة شبيهة بالنكاية والتشفي: ?قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ? [الحديد: 14].

بعد هذه المقدمة ندرك بأن روح الإنسان تستمد زادها مما جاء من عند ربها لتبقى حية مرهفة الحس، لطيفة، دقيقة، متيقظة، وبنورها تنفتح عين البصيرة فتبصر فوق ما يبصره بصر الجسد: ? كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ [5] لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ [6] ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ [7] ? [التكاثر].

ولهذا نعى الله على المنافقين موت حواسهم الباطنة: ?وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ? [الأعراف: 179].

أ. أثر روح القرآن على حواس الروح:

إنها حواس الروح التي بها تحيى وبها تفقه وبها تبصر الغيبيات، ولا حصر لبصرها ولا حد لرؤاها ... ?لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ? [الأعراف: 179].

ما كان الربانيون ليقفوا مواقف عظيمة مثل موقف من لا يخشى في الله لومة لائم - فتجده يتحدى الطواغيت بما أوتوا من قوة عدة وعدد، ويستبسل لإسماع كلمة الحق ولو غضب العالم - إلا وكان لهم تأييدا ربانيا: ?لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? [المجادلة22].

ويختلف التأييد الرباني باختلاف الأشخاص ومعاملتهم القلبية. فمن اعتز بربوبية ربه وافتخر بها ثم طلب من الله القيام في حدود الله بالاستقامة على نهج الله وشرعه تولاه الله، وأيده بالملائكة تثبته وتبشره في أخطر المواقف وأصعبها. ?إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ [30] نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [31] نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ [32] ? [فصلت].

إنه تأييد بالنصرة في الدنيا وفي الآخرة، وبالولاية، والبشرى بعدم الخوف أو الحزن، إضافة إلى الفوز بالجنان تكريما من غفور رحيم سبحانه من رب عزيز وهاب.

كما قد يتجلى التأييد الرباني فيما يفتح الله للعبد من الرؤية الصادقة، والفراسة، والكشف، والإلهام، والكرامات.

وإذا تنعمت الروح بما أعطي للجسد من حواس مثل السمع والبصر، فضلا عن الشم والذوق، واللمس إضافة إلى قلب يفقه الأمور، تسانده:

1 - الرؤيا الصادقة: والتي ما يراها المرء إلا وخرجت كفلق الصبح، لا تحتاج إلى تأويل مؤول، أو قد تحتاجه: مثاله رؤيا الملك العزيز في قصة يوسف عليه السلام، ورؤيا يوسف عليه السلام، ورؤيا فرعون.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير