تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وما كان سيدنا نوح عليه السلام ليسمع قومه تحد سافر وهو الأعزل والوحيد ?وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ? [يونس: 71]

بل قال سيدنا نوح قولته لقومه لما بلغه آمان ربه أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ? [هود: 36] لو لم يُؤمنه ربه ويصبغ عليه اليقين ويثبت قلبه ليقف المواقف التي عز نظيرها وليسمع الظالمين تحديا لا مثيل له في تحد من غير تعد، ما كان لعبد أن يخترق أسوار بشريته؛ لكنه التأييد الرباني للعباد المؤمنين عامة وليس للأنبياء بخاصة.

?إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ [30] نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [31] ?فصلت

ما كان لسيدنا إبراهيم عليه السلام أن ينشد توحيد ربه وتسفيه الظالمين، ويتأفف في وجوههم، وهو الوحيد الأعزل، غير مختبئ ولا متوار، إلا باعتماده على ربه وتوكله عليه ويقينه فيه، فضلا عن الاستعلاء الإيماني على ضلال الكفر وتعطيل جوهرة العقل.

وما كان لسيدنا موسى عليه السلام وهو ينظر إلى جيش فرعون يتهافت نحو المؤمنين معه وقد صاحوا: ? إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [61] قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [62] ? الشعراء.

أين زلزال هذه القلوب من ثبات تلك الشم الراسخات؟ فبم ثبتت لولا تأييد ربها بروح منه ?يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ? [إبراهيم: 27]

وما كان لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام أن ترسخ أقدامه ويعلنها خبرا مدويا ويطلق إنذاره لقريش {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام: 135] لولا قوة يقين على صدق كلمات ربه وسيأتي بيان ذلك مفصلا في الصفحات اللاحقة.

ثبات المؤمنين

ما كان لمن آمن بربه واستقام على شريعته واتخذ نبيه قدوة إلا أن يسير على هدي أولي العزم من الرسل ليقول كلمة حق نصرة للحق-الذي هو اسم الله ودينه ومنهاج شريعته- وإخمادا لفتنة الباطل ودحضا لعوارضها. ولنستمع لهذه الآية وهي ترتل علينا مقاييس اختلفت دلالاتها بما تعارف عليه الناس في كل أوان? لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? [المجادلة: 22]

قول الحق الذي يُؤْثر على الآباء، والأبناء، الإخوان، والعشيرة، لما كتب الله الإيمان في قلوبهم وأيدهم بروح منه. يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. وما القول الثابت إلا كلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر.

ثبات تتزلزل عنده الجبال، ويصمد في الموقف يوم تصطك الأسنان وترتجف الأعضاء ويخشع السمع والبصر ولا تسمع إلا همسا. وأمام هذا الاستعلاء الإيماني للمؤمنين، ولتكون الصورة ناصعة هذه لوحة أحداث الوقائع سواء تجلى الأمر في المواقف أو حتى فيما يسمونه علوما:

غرور العلوم الإنسانية:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير