وفي تاريخ دمشق (3/ 180) قال ابن عساكر: «فنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهي بنت ست سنين، وبنى بها بعدما قدم المدينة، وعائشة يوم بنى بها ابنة تسع سنين».
وفي سير أعلام النبلاء قال الذهبي: عن عائشة قالت: «تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم متوفى خديجة، وأنا ابنة ست، وأدخلت عليه وأنا ابنة تسع».
وأما الطبري فتحدث عن نكاحها في ثلاث صفحات من الجزء الثاني: فقال في رقم (9):
«بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة بعد مقدمه المدينة بثمانية أشهر، في ذي القعدة في قول بعضهم، وفي قول بعض: بعد مقدمه المدينة بسبعة أشهر، في شوال. وكان تزوجها بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين بعد وفاة خديجة، وهي ابنة ست سنين. وقد قيل: تزوجها وهي ابنة سبع».
وبعد أسطر ذكر قول عائشة: «نزل الملك بصورتي، وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لسبع سنين، وأهديت إليه لتسع سنين».
وفي (ص 211) قال: «فأما عائشة فكانت يوم تزوجها صغيرة لا تصلح للجماع».
وفي (ص 212) ذكر قول عائشة: «فبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وأنا يومئذ ابنة تسع سنين».
وبعد ثلاثة أسطر قال الطبري: «ونكح عائشة متوفى خديجة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عائشة مرتين، يقال له: هذه امرأتك، وعائشة يومئذ ابنة ست سنين: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة بعدما قدم المدينة وهي يوم بنى بها ابنة تسع سنين».
وفي تاريخ بغداد (جـ 11، ص 275) روى الخطيب البغدادي «أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة وهي ابنة ست سنين، وبنى بها وهي ابنة تسع سنين، وقُبض النبي صلى الله عليه وسلم وهي ابنة ثمان عشرة سنة».
وفي وفيات الأعيان لابن خلكان في ترجمة عائشة رقم (318) جـ 3 ص 9، 10 جاء ما يأتي:
«تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وكان لها يوم تزوجها ست سنين، وقبض صلى الله عليه وسلم وهي بنت ثماني عشرة سنة».
هذه هي الكتب الستة التي ذكرها السيد جمال البنا، وقال بأنها تجمع كلها على خلاف ما جاء في البخاري، وتنقض قضية تقبلتها الأمة بالإجماع.
فهذه النقول التي نقلتها كما جاءت بالنص من هذه الكتب تؤكد ما جاء في صحيح البخاري، وما أجمعت عليه الأمة وتلقته بالقبول، فهل يجد السيد البنا تفسيرا لهذا المسلك الذي سلكه؟!
ويبقى الكتابان اللذان ذكرهما السيد الكاتب تأييداً لما ذهب إليه، فلننظر فيهما.
أحدهما كتاب الإصابة للحافظ ابن حجر، وترجمة عائشة في الجزء الرابع (ترجمة رقم 704)، جاء فيها: «ولدت بعد المبعث بأربع سنين أو خمس؛ فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست، وقيل سبع، ويجمع بأنها كانت أكملت السادسة ودخلت في السابعة. ودخل بها وهي بنت تسع».
والكتاب الثاني هو البداية والنهاية للحافظ ابن كثير: وذكر في الجزء الثالث (ص 176) ما يأتي في زواج عائشة:
«تزوجها وهي ابنة ست سنين، وبنى بها وهي ابنة تسع، لا خلاف فيه بين الناس، وقد ثبت في الصحاح وغيرها».
ومن هذا نرى أن الكتابين يؤكدان ما جاء في كتب التاريخ الستة التي ذكرها وما جاء في صحيح البخاري.
فهل من أخلاق المسلم أن يقول كلاماً غير صحيح ليهدم ما أجمعت عليه الأمة، وما تلقته بالقبول؟! وما جاء في صحيح البخاري، وهو أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى؟
وقبل أن أختم هذه الكلمة أضم بعض ما جاء في مقاله في المصري اليوم أيضا بتاريخ 20/ 8/2008، تحت عنوان: «إنها دعوة لإثارة الفكر وإعمال العقل».
قال مدافعا عن قوله بإباحة التدخين في نهار رمضان، وإباحة القبل الغرامية بين الشباب والشابات: هذه الاجتهادات في مقصد الهجرة إلى الله ورسوله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!
وقال: من أكبر أسباب تخلف المجتمع المصري سوء فهم الإسلام وقد أدت إساءة فهمه إلى تدهور المجتمع، وجاءت هذه الإساءة من الاعتماد كلياً على ما فهمه عبر الأسلاف، وما وضعوه من القواعد والمبادئ لمنظومة المعرفة الإسلامية من تفسير أو حديث أو فقه منذ أكثر من ألف عام ... ومع التقليد جاء الغباء وصدأ العقل المسلم.
ثم قال ذاك الذي يصف الأمة بالغباء وصدأ العقل:
¥