تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مشاهدتهم الصور المروعة للجريمة، والدمار الهائل، والدماء النازفة، وإن نقلَ صورة المأساة، وإبراز الشكل الوحشي للعدوان، وكشف مسرح الجريمة بكل فظاعتها كان عاملاً أساسياً في تحريك الشعور العالمي، وإيقاظ الضمائر النائمة، وبهذا الصدد فقد قامت قناة الجزيرة بجهود جبارة لنقل الأحداث كما هي للناس رغم وحشيتها، وما قامت به هذه القناة هو شكل من أشكال الجهاد العظيم في هذا العصر، الذي أصبح الإعلام فيه يمارس ألواناً من التضليل والخداع، ويكفي أن تُطل على بعض العناوين والمصطلحات في قناة الجزيرة، وقناتي " العربية " العبرية، و" الحرة " لترى الفارق الكبير في تغطية الأحداث في العدوان على غزة:

ففي الجزيرة: الحرب على غزة، بينما في الحرة: الحرب في غزة. قناة الجزيرة تعرض مظاهر الوحشية والهمجية، بينما قناة الحرة تعرض صوراً لأطفال يلعبون في الأراجيح وحولهم جنود صهاينة يلاعبونهم.

أما قناة العربية " العبرية " فقد لعبت بالوعي العربي إلى أبعد الحدود، وعبثت بالحقائق دون خجل وضربت بالقواعد المهنية للعمل الإعلامي عرض الحائط، وذلك من خلال العناوين الرئيسة للأخبار، وشريط الأخبار العاجلة حتى أن المراسلين يُكذّبون أحياناً ما يتكلم به المذيعون: وقد ثار أحد موظفيهم على هذه السياسة المتحالفة مع العدو فكتب يبين محاور هذه السياسة:

- فالشهداء كلهم قتلى، ولا تذكر كلمة شهداء نهائياً، وقد حذفت هذه الكلمة من قاموسها نهائياً سواء كانوا أطفالاً أم رجالاً أم نساءً.

- كل ما حدث من قتل وعدوان لم يوصف في العربية بأنه مجازر أو عدوان، فلا يُسمح للمذيعين أو المراسلين بوصف ما يجري بهذه الكلمات أبداً، وإنما يتم تخيُّر الكلمات المناسبة مثل هجوم واشتباكات. وكلمة هجوم تجعل المستمع يتعاطف مع البطل المهاجم ويتحالف معه كما يحصل في الأفلام.

- كل القنوات تصف ما يجري بأنه مقاومة وأن المقاومة تتصدى، بينما العربية تقول: مسلحي حماس يشتبكون.! وكما تعلمون فإن كلمة مسلح تطلق على المجرم الذي يسطو على منزل أو بنك أو غير ذلك.

- وأيضاً قناة العربية منذ الأيام الأولى حسمت المعركة فأظهرت صوراً للجنود الإسرائيليين يتقدمون باتجاه غزة دون مقاومة تُذكر وتظهر مجموعة من الجنود المستريحين، وآخرون راجلين، وآخرون يتقدمون بالدبابات، وقد افتضحت هذه التقارير فيما بعد لأنه تبين أنهم ليسوا في غزة، وإنما في قطاع غزة، وبين الأمرين فرق كبير، فهم في ضواحي قطاع غزة، والمقاومة رابضة في خنادقها تنتظرهم لتذيقهم الويلات، وقد كان ذلك بحمد الله عز وجل. وقد قامت مراسلة العربية حنان المصري بتكذيب المذيعين على الهواء، فقد ظهر خبر عاجل يقول بأن الدبابات الإسرائيلية تتقدم باتجاه داخل غزة، وقد خرجت المراسلة حنان المصري عن صمتها وقالت في رسالتها بأن هذا الخبر " غير دقيق " و " مخالف للواقع " وقالت إن هذا يتسبب في إثاره هلع الناس علينا أن ننتبه إلى هذا.

- وقد استضافت قناة العربية نايف حواتمة، وسلام فياض، ومحمد دحلان المعروف بسجله الإجرامي والتآمري وأطالت اللقاء معه وهو شخص غير مرغوب فيه عند الفلسطينيين، ولكنها رسالة توجهها قناة العربية لللمشاهدين بأن دحلان سيدخل غزة على ظهر الدبابة الإسرائيلية وستنتهي المقاومة.

- كما أن الأخبار والتحليلات كلها منحازة لصالح العدو الصهيوني، ويراد منها الفتّ في عضد المقاومة، وكسر شوكتها، وقطع أمل المشاهد العربي، وإحباط شعوره، وتثبيط همته وعزيمته. حتى أن العربية أصبحت مرجعاً للقنوات الصهيونية: فتنقل عنها بعض الأخبار التي تسثمرها في كسب التأييد الشعبي للحرب في إسرائيل.

- أما المظاهرات فقد ظلت القناة ثلاثة أيام صابرة لا تظهر أي مظاهرات، ويبدو الحدث في غزة وكأنه حدث عادي لا يثير الاهتمام عند الناس، ثم تحت ضغط الواقع اضطرت القناة إلى إظهار المظاهرات، ولكن بشكل انتقائي، لا يتم فيها التركيز على المشاهد المؤثرة والمتعاطفة مع المقاومة، بل يتم اختيار التركيز على نقمة الناس على المجازر، كما يتم لفت النظر على أن هذه المجازر تسببت فيها المقاومة أعني مسلحي حماس.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير