تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الرابع: ثم الجهات الأمنية في هذا العصر وهي التي تنقل أخبار الوطن والناس لرئيس الدولة، وهذه الجهات يجب أن تحرص على الحق والصدق حتى لا يُظلم الناس، وحتى لا يؤخذ البريء بجريرة غيره. كما أن الهدف الأول في النهاية هو راحة المواطن، وأمانه وطمأنينته، وأنتم تلاحظون أيها السادة أن مصطلح الأمن اليوم مراده على عكس حقيقته، فالأمن يعني الخوف، يعني السجون، يعني التعذيب، يعني الظلم، وهذا المفهوم هو الذي نريد أن يتم إصلاحه بدرجة أولى في العلاقة اليوم بين رجل الأمن والمواطن.

الدرس السابع

أين تكمن القوة الحقيقية؟

لو تأمل القادة العرب لأدركوا أن المقاومة الإسلامية، والجهاد الإسلامي قوة لهم، يمكنهم توظيفه لخدمة مصالح الأمة في الحاضر والمستقبل، كما يمكن توظيفه حتى لمصالحهم الشخصية، فالمقاومة الإسلامية ليست ضد الحكام، ولا تهدف إلى السيطرة على الكراسي وإنما هدفها دحر العدوان، وإقامة الإسلام، والإسلام يعني العدالة، والأمان، والحرية، والمساواة، ولذلك فالمقاومة الإسلامية هي قوة أمنية موثوقة لا تخون، ولا تخذل الحاكم في اللحظات الحرجة، وتبقى وفيّة له إذا ما أحسن استثمارها والتعاون معها لتحقيق الأهداف العليا لهذه الأمة.

إن الجيوش النظامية والمدربة – في الحالة الراهنة - لا تحمي أحداً ولا وطناً ولا شعباً ولا حاكماً، لأنها تعصف بها الأهواء، وتتشتت بها الآراء، وتتوازعها المصالح الشخصية، وتتناهشها الكراهيات والأحقاد والأمراض المزمنة، فهي لا يُعوّل عليها، لأن الجندي يكره قائده، والقادة يكرهون جنودهم، كما يكرهون بعضهم، وفي أي فرصةٍ تسنح لهم من فرص الحروب فإنها ستكون مناسبة منتَظرة لتصفية الحسابات، فالقائد في ميدان المعركة لا يخشى على نفسه من جنود العدو، بل يخشى على نفسه من جنده، وكم من جندي أسنانه تصطك حقداً على قائده، ويتحين الفرصة لينتقم منه، ويشفي غليل حقده، لأنه طالما نكّل به واحتقره وابتزّه وأهانه واعتدى عليه، وإن أقرب مثال لذلك أيها السادة حالة الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي أدرك أن جيشه لا يمكن الثقة به، ولا يُعتمَد عليه، وأن الخيانة والغدر كائنة لا محالة، لأنه يعرف أمراض جيشه وأسبابها وأبعادها، ولذلك آثر الاختباء والاختفاء حتى تم القبض عليه وحيداً فريداً، وربما بسبب خيانةٍ من أقرب الناس إليه.

أيها السادة لا أدري ما الذي يمنع الزعيم العربي من أن يربّي جيشه على الإيمان بالله عز وجل، والإيمان باليوم الآخر، ويكرّس في مدارسه ثقافة الجهاد والشهادة، والهداية والتقوى والصلاح، وايم الله إن في ذلك قوة ومنعة شخصية له، وثباتاً لقيادته وسلطته، وخدمة لأمته وتاريخه، وارتقاء بشعبه وحضارته، وتخليداً لذكره وزعامته.

وإن انحياز بعض الزعماء العرب – كما رأينا في حرب الفرقان - لمعسكر العدو لتحقيق مكاسب شخصية ومنافع فردية غباءٌ وحماقةٌ، فضلاً عن كونها ذلةٌ وخسةٌ وخيانةٌ، والعدو أنصف وأذكى من أن يُكرّم شخصاً خان وطنه وشعبه وأمته، إنه يستخدمه بلا شك، ويمتدحه بلا ريب، وبالتأكيد يشيد به، ويكرمه ويمنحه المكافآت، ولكن ما إن ينتهي دوره حتى يرمي به في سلة القمامة، ثم يرمي به في زبالة التاريخ.

إن هذا ما لمسناه في تعامل إسرائيل مع الحكومة المصرية في الحرب الأخيرة، فمبارك الذي تآمر مع باراك وأولمرت وليفني وتدبّر معهم مهمة القضاء على حماس والمقاومة الإسلامية، هذه المؤمرة التي لم تتم بحمد الله عز وجل، على خطورتها في الحصار الطويل، وإغلاق المعابر والأنفاق، ومنع الجهود الدولية في الإغاثة. وكل ذلك كان منه رفضاً لصيحات شعبه، وتنكراً لاستغاثات أمته، وتجاهلاً لآهات الثكالى، وصرخات الأطفال، لأنه كان يُعوّل على القوة الإسرائيلية في حسم المعركة بشكل سريع وخاطف وينتهي الأمر، ويُسدل الستار على المقاومة إلى الأبد، وعندئذ يفرح مبارك ويمرح، ويخلو له الجو ليبيض ويصفر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير