تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولكن المقاومة الصامدة، والأسود البواسل بصمودهم النادر، وشجاعتهم الفريدة، وإيمانهم العظيم قد خيبوا آمال العدو الصهيوني وحلفائه المتآمرين معه، وأسقطوا أحلام مبارك وليفني وأولمرت وباراك وبوش، عندئذ لم يبق لمبارك ذلك الدور المنتَظر منه فقد عجز عن فعل أي شيء، لأنه كان بلا لاشك أعجز من العدو الصهيوني، عندئذ جاءته صفعة قوية من إسرائيل حين تجاهلوه، واتجهوا إلى أمريكا ليبرموا معها اتفاقاتهم الأمنية دون أن يكون شريكاً أو طرفاً في ذلك، وضُرب به وبمبادرته المصرية عرض الحائط، ثم ظهر مبارك يُجعجع في خطابه، قلنا لهم: أوقفوا الحرب، قلنا لهم: إن الحرب لن تقضي على المقاومة.

آلآن وقد عصيت الله، آلآن وقد عصيت أمتك وشعبك، آلآن وقد خُنت دينك وأمانتك فعليك من الله ما تستحق. إن صمود المقاومة الإسلامية في غزة أيها السادة أفسدت خطط العدو، ومؤامراته وأحزابه، وأبطلت تحالفاته، كما حصل في صمود صحابة رسول الله r معه أثناء غزوة الخندق فقد كان ذلك سبباً في فك الحصار، وهزيمة الأحزاب، وانفضاض التحالف اليهودي الشركي، وانخذال المنافقين، واندحار المرجفين.

ولا بد من الإشارة هنا إلى ما قاله الدكتور عزمي بشارة:"" أن إدانة العدوان من قبل هؤلاء كانت باتفاق مسبق مع العدو، فلا تناقض بين تنسيق العدوان مع بعض العرب وبين إدانة العدوان الصادرة عنهم، بل قد تكون الإدانة نفسها منسقة. ويجري هذا فعلا بالصيغة التالية "نحن نتفهم العدوان ونُحمّل حركة حماس المسؤولية، وعليكم أيضا أن تتفهموا اضطرارنا للإدانة، قد نطالبكم بوقف إطلاق النار، ولكن لا تأخذوا مطلبنا بجدية، ولكن حاولوا أن تنهوا الموضوع بسرعة وإلا فسنضطر إلى مطالبتكم بجدية " ([11]) ..

لقد أثبتت حرب لبنان، وحرب الفرقان أن القوة العسكرية والترسانة الجنونية للقتل والدمار لا تحسم المعركة، وإنما الذي يحسمها قوة الإيمان وقوة الصمود، وقوة الصبر والمصابرة. إن الذي يحسم المعركة أيها السادة هو الإنسان:

- إنسان مؤمن بعقيدته وحقه يرى أن حياته بالنصر هي الحياة، وأن موته بالشهادة هو الحياة فهو بين الحسنيين: نصره حياة، وموته حياة، فهو لا يبالي بكل أطنان القنابل المتساقطة، والصواريخ المتفجرة، والطائرات المزمجرة، وقد سقط على غزة مليون كيلو من المتفجرات من الطائرات فقط، فإذا أضفنا إليه ما استخدم على الأرض فيزيد على مليوني كيلو في رقعة أرض صغيرة، إن كل هذه المعركة الملتهبة يقابلها المؤمن بقلب من حديد، وعزم شديد، وتصميم لا يحيد.

- هذا الإنسان المؤمن يقابله إنسان مهزوز العقيدة، خائر العزيمة، قد أهلكته المخدرات، ودمرته العاهرات، ليس له هدف واضح، ولا غاية محددة، يلاحقه الموت كشبح مخيف، والقتل كنهاية مرعبة، إن المعركة بالنسبة له جحيم لابد منه، والموت جهنم تنتظره، فهو مغتصب للأرض، ومعتد على العِرض، يعلم أنه ظالم في قتاله، ومجرم في عدوانه، ولذلك فهم جبناء في ساحة المعركة، مع كل ما هم فيه من الحصانة والدروع والدبابات والمدافع، تجدهم يفرون أمام الأطفال الذين يحملون الحجارة، ورغم كل هذه التجهيزات فقد أذاقتهم المقاومة الإسلامية الويلات، وسقتهم كؤوس الموت والرعب والهلع.

إن الدرس الأهم الذي يجب علينا أن نأخذه كحكومات وكمقاومة من هذه الحرب هو: المزيد من الصمود، والمزيد من التصميم، والبحث عن منافذ جديدة ومتنوعة لأسباب القوة، وبناء الداخل بشكل متين، وتهيئة وسائل التحصين، وبناء التحالفات الجديدة، وتحصيل مختلف أنواع السلاح والعتاد بشتى الوسائل والطرق، والتواصل مع حركات المقاومة في بلادنا العربية والإسلامية وغيرها من البلدان، والتعاون معها لبناء ترسانة القوة والأسلحة على قاعدة الإيمان بالله عز وجل، واليقين المطلق بوعد الله سبحانه وتعالى، والثقة الكاملة بنصره وتأييده، وعلى الحكومات العربية والإسلامية الممانِعة أن تعلم شيئاً مهما هو أن حصنها الوحيد هو الإسلام، وملاذها المتين هو الإيمان بالله عز وجل، وسلاحها الوحيد هو الجهاد في سبيل الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير