تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولا بد أن نعلم أن الشرعية الدولية وحقوق الإنسان والأمم المتحدة هذه كلها مصطلحات وهمية لا قيمة لها على أرض الواقع، وأن الذي يفرض نفسه على أرض الواقع هو القوة والصمود، ولذلك حصدت المقاومة بل الأمة كلها نتائج هذا الصمود، وأحرجت العالم كله، وجعلته يقف معها مناصراً ومؤيداً، إن العالم مع القوي، فالقوة هي الحق أيها السادة في عالم اليوم سواء في القمة العربية أم في أروقة الأمم المتحدة.

إن البعد الإيماني كما علمنا تاريخنا الإسلامي هو العنصر الفعال في تحقيق النصر، وتحرير الأرض والإنسان، وإن الاستعمار لم يخرج من بلادنا إلا تحت ضربات المقاومة الإسلامية ورايات الجهاد، وصيحات الله أكبر، فلماذا لا نسعى جاهدين حكومات وشعوباً إلى تحويل هذا البعد الإيماني إلى ثقافة وطنية وقومية مقدسة، لتكون جذوة وقادة في بث روح العمل والعلم، والصحوة والنهضة والتقدم، ولتحرق أيضاً كل مظاهر التخلف والجهل والتواكلية والفساد والانحلال والنفاق والرياء.

حين تبني الدولة مؤسساتها الإدارية والعلمية والعسكرية على الإيمان الحقيقي بالله عز وجل، والثقة المطلقة بدينه، وحين يكون هذا الإيمان ثقافة وقناعة في كل مجالات الحياة الأسرية والاجتماعية بين القادة وجنودهم، والحكام ومواطنيهم، وفي كل الشرائح والأطياف الاجتماعية والسياسية والشعبية والعسكرية فإن هذا بلا شك سيعود على الوطن كله قائداً وشعباً وأرضاً بالقوة والمنعة والحصانة، وسيتحول هذا الوطن إلى كتلة متراصة، ولبنات متماسكة يشد بعضها بعضاً، وعندئذ لابد أن يتشكّل منها بناء قوي مكين، عصيٌّ على كل أنواع الأسلحة مهما كانت فتاكة ومدمرة.

إن الثقافة الإسلامية والوعي الإيماني، والأبعاد الجهادية لو تم استثمارها وتوظيفها بشكل فعّال وحقيقي في عملية البناء الحضاري، والنهوض الشامل لأثمر ذلك أشجاراً باسقة، وثماراً يانعة من الحياة الكريمة، والتنمية الشاملة في كل مجالات الحياة ومن أبرزها تحرير الأرض والوطن والإنسان: تحرير الأرض من الاستعمار، وتحرير الوطن من المفسدين، وتحرير الإنسان من كل أشكال الإكراه والابتزاز، والظلم والعدوان على حريته وكرامته وحقوقه وإنسانيته.

أيها السادة: "" إن ما حققته هذه المقاومة المتواضعة أمام أعتى الجيوش يُعد معجزة لا مثيل لها، ولست أشك لحظة أن هذه المقاومة ستنتصر نفسيا ومعنويا وروحيا وشعبيا واجتماعيا إن شاء الله عز وجل، وهو الأهم الآن أمام هذه الغطرسة الغاشمة التي ترى أنها لا تقهر. إن استمرار المقاومة لثلاثة أسابيع أمام هذا الكم الهائل من القوة والإبادة والنار بهذا النفس، وهذا الدعم والاحتضان الشعبي سيزلزل عرش الكيان الصهيوني، ويقض مضاجع من يساندونه في أميركيا وفي أوربا، وفي بلادنا، ويفتح حفرا نفسية في نفسية الإنسان الإسرائيلي المتحصن وراء الطائرات والبوارج البحرية والأسلحة الفتاكة، وهذا هو النصر العظيم الذي يبقى "" ([12]).

ولكن لا بد هنا من همسة في أذن المقاومة: "" إن ضرورات المستقبل الإستراتيجية تتطلب أن تنمي المقاومة روح الشورى مع القادة السياسيين، ومع المجتمع الفلسطيني والعربي والعالمي، وأن تتجاوز منطق الحسابات السياسية ومنطق البحث عن المواقع والسلطة، وأن تتحول إلى تيار شعبي حيّ يرفد المجتمع بالرجال والأفكار والوعي المطلوب لاستمرار الكفاح من أجل الاستقلال، على المقاومة أن تتجاوز حظوظ نفسها لتكون في خدمة الشعب والمجتمع، وأن لا تكون حجر عثرة في مسيرة المجتمع نحو استقلاله بسبب أفعال أو ردود أفعال ضيقة هنا وهناك، إن المقاومة التي لا تتحول إلى تيار وعي، وحالة توثّب وثبات والتزام بالمبادئ الكبرى التي يموت من أجلها الرجال والنساء والأطفال والشيوخ لن تستمر مهما حققت من إنجازات عسكرية وسياسية "" ([13]).

الدرس الثامن

القتل الصامت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير