تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الشيوعيين أيضا) فى سبيل الوصول إلى هذا الغرض. ولسوف يلمس القارئ ذلك كله الآن بيده لمسا، ويراه بأم عينيه رؤية، ويشمه بأنفه شما، ويتيقن منه بعقله وقلبه وضميره تيقنا.

ولكن قبل أن أدخل فى هذا الخبايا العطنة العفنة التى أرجو من القراء تحمل عطنها وعفنها إيمانا واحتسابا أود أن أشير إلى أن هذه الفكرة بعينها موجودة لدى خليل عبد الكريم "وِنْج" القمنى الشمال الذى ردد فى كتابه: "قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية" ما قاله القمنى عن أجداد الرسول عليه الصلاة والسلام، وأكد كما أكد القمنى، حَذْوَك النَّعْل بالنَّعْل، أن عبد المطلب كان شخصية باهرة استطاعت أن تستوعب النظريات السياسية فى زمنه وتعرف أن السياسة كثيرا ما استعانت بالدين لتثبيت أركانها، فاستثمر من ثم الدين بكل وظائفه من رؤى وأحلام وأساطير وادعى أن شابا سيخرج من صلبه يبنى دولة قريش ويقوم بأمرها ويملك المشرق والمغرب، ثم لم يكتف بذلك بل حرص على ربط رؤاه وتعبيرها بالكهان والعالم العلوى حتى يصبح التشكيك فيها نوعا من التجديف والإلحاد، فضلا عن اجتهاده فى توثيق علاقته بمن حوله من الملوك بغية تسهيل تلك المهمة ووضعها موضع التنفيذ دون مشاكل أو عقبات. ثم مضى أبعد من هذا فقدم ابنه أضحية للالهة من خلال الزعم بأنه رأى ذلك فى المنام. ولم ينس عبد الكريم أن يتحفنا، وهو يتكلم عن شيخ قريش المسكين، بطائفة من المصطلحات الماركسية الفاشلة من مثل "الملكية الجماعية" و"الجماهير المحرومة" و"تسارُع المجتمع المكى فى التفكيك" و"عرق الكادحين" و"أصحاب الفبارك" و"التمايز الطبقى" و"عمل الشغيلة" و"فائض القيمة" مما تجد بعض صداه فى كتاب القمنى، وكأننا فى خلية من خلايا الشيوعيين. والحمد لله أن لم يقل الذى كتب هذا الكلام ووضعه فى فم عبد الكريم ليردده بصوته (على طريقة "الدوبلاج" فى الأفلام الأجنبية) إن عبد المطلب كان عضوا فى حزب "حدتو" أيضا. وقد سمى عبد الكريم رؤيا عبد المطلب بـ"المسطورة"، أى الأسطورة، على طريقته فى الحذلقة الماسخة التى اشتهر بها رغم جهله الشنيع فى اللغة حسبما بينت فى الفصل الأول من كتابى: "لكن محمدا لا بواكى له"، ولم يستطع أن يفتح فمه بكلمة واحدة لا هو ولا أى واحد ممن يرافئونه على هذا السخف الساخف الذى انهال به الإلهام عليه بغتة بعد أن تخطى الستين بزمن!

وزاد خليل عبد الكريم فصور الأمر كله على أنه خطة رسمها عبد المطلب بإحكام وخبث بغية الوصول إلى أهدافه السياسية، مؤكدا بلغة الحوذية أن أمل عبد المطلب فى أن يكون هو أو أى واحد من صلبه نبيا قد "شعشع فى دماغه" (بنص تعبيره العربجى) حتى بشره بذلك أحد العرافين، فعمل على نشر هذه البشرى بين الناس (ص37 - 44 من الكتاب المذكور/ ط. سينا للنشر/ 1993م. ويجد القراء الأعزاء ردى المفصل على هذه التحشيشات والانسطالات فى كتابى: "اليسار الإسلامى وتطاولاته المفضوحة على الله والرسول والصحابة"/ مكتبة زهراء الشرق/ 1420هـ- 2000م/ الفصل الثالث بدءا من ص127. وهو موجود فى مواقع مشباكية كثيرة لمن يريد تحميله).

وثم عبارة محورية يدور حولها كتاب "الحزب الهاشمى"، وهى ما نسبه القمنى إلى عبد المطلب جد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام من قوله: "إذا أحب الله إنشاء دولة خلق لها أمثال هؤلاء". وهذا هو النص الذى وردت فيه هذه العبارة كاملا، وهو أول شىء فى الكتاب مما سماه على سبيل الحذلقة المتنطعة: "تأسيسا": "إذا أراد الله إنشاء دولة خلق لها أمثال هؤلاء: قالها عبد المطلب بن هاشم، وهو يشير إلى أبنائه وحَفَدته، فبرغم التفكك القبلي في بيئة البداوة، التي عاشتها جزيرة العرب، فإن هناك من استطاع أن يقرأ الظروف الموضوعية لمدينة مكة بوجه خاص، وأن يخرج من قراءته برؤية واضحة: هي إمكان قيام وحدة سياسية بين عرب الجزيرة تكون نواتها ومركزها مكة تحديدا برغم واقع الجزيرة آنذاك. وكان هناك من هو لرأى عبد المطلب من ذوى النظر الثاقب والفكر المنهجي المخطط الذين استطاعوا أن يصلوا إلى النتيجة نفسها بعد قراءة واعية للخريطة السياسية والظروف الاجتماعية والاقتصادية، لكن الكثرة الغالبة لم تكن مع هذه الرؤى. حتى اليهود الذين كانوا يعيشون بين ظَهْرَانَيِ العرب كعرب ما خطر لهم هذا التوقيع قط، وإنما كانوا يترفعون على سائر العرب، ويفاخرون بأن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير