تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عنده من صوت عال مجلجل أن "الإسلام لم يقصد إقامة نظام دولة، بل قصد الدين وحده، ولذلك كان لكل خليفة من الراشدين رأيا يختلف عن الآخرين في طريقة استلام الحكم وفي علاقته بالمحكومين. كل شيخ وطريقته في الشغل".

ثم ها هو ذا للمرة الخامسة فى مقال له آخر اسمه: "دولة الحداثة الدينية" ومنشور أيضا فى موقع "الحوار المتمدن أن "اسم الدولة أو الحكومة، بما نفهمه منه اليوم، غاب بالمرة وبالمطلق عن كل التاريخ الإسلامي منذ جاء جبريل بـ"إقرأ" وحتى اليوم، لأن رب الإسلام لو كان يريد دولة لدينه لخلق لها الجماعة التي تضع ذلك وتدرسه وتطبقه وتضع له مواصفاته وشروطه ومؤسساته التي تشرف على تنفيذه وتحميه، وهو كله الكلام الذي لم يكن معلوما زمن الصحابة ولزمن بعيد بعده حتى ظهور ابن تيمية وسياسته الشرعية، وإبن القيم و"أعلام الموقعين"، وحسن البنا و"الإسلام هو الحل". لوأرادها الله دولة إسلامية لخلق هؤلاء زمن الدعوة ليجلسوا حول الرسول ويشيرون عليه بما يقولونه لنا اليوم، ويعظونه به كما يعظوننا، ولقامت الدولة مواكبة لقيام الدين". ثم مرة سادسة فى ذات المقال أن الإسلام "لم تكن الدولة ضمن أهدافه بالمرة ". ومرة سابعة، وفى نفس المقال أيضا: "الدين الإسلامى طلب منا الإسلام، ولم يطلب منا الدولة".

إذن فالقمنى قد انقلب على نفسه وقال ما قلناه من الصبح، ولكن بعدأن طلَّع روحَنا معه. ولنستمع إليه أيضا، فى الجزء الثالث من مقاله: "الوطن والمواطنة عند الإسلاميين" المنشور فى موقع "الحوار المتمدن"، يقرر بصريح العبارة دون أى لبس أن "الإسلام لم يأت لينشئ دولة ولا ليقيم إميراطوريات، ولا علاقة له بالوحدة والتعدد الاجتماعي، ولم يعرف أصلا معنى كلمة "دولة". وكانت "الدولة" عنده هى تداول الأزمان والأشياء، أى تحرُّكها وتبدُّلها: "وتلك الأيام نداولها بين الناس" ليس أكثر". أرأيت أيها القارئ مدى التخبط عند القمنى، أو فلنقل: فى الكتابات التى تحمل اسم ذلك البلبوص؟

والمضحك أن القمنى ذاته ينصحنا فى مقال آخر له عنوانه: "مشايحنا يصلحون" منشور أيضا بموقع "الحوار المتمدن" بأن نراعى السياق التاريخى والاجتماعى للفظ الذى نسمع أو نقرؤه فلا نفسره بالمعنى الذى يستخدمه عصرنا فيه. يقول: "وطالما أن الإسلام قد ظهر في جزيرة العرب وبلغتهم في القرن السابع الميلادي، وحتى نفهم مقاصده الحقيقية، فلا بد أن نتعامل مع الألفاظ بدلالات زمنها، كما كان يفهمها أهل مكانها البيئي وظرفهم الإجتماعي والاقتصادي، وليس كما يشرحها لنا وعاظ أيامنا ليحمّلوها بدلالات لم يقصدها السلف و لا أرادته اللغة، بل ولم تعرفه اللفظة أصلا". وهو ما كرره فى الجزء الثالث من مقاله: "الوطن والمواطنة عند الإسلاميين" المنشور فى الموقع المذكور حيث يؤكد أن "اللفظ هو ابن التاريخ و ابن الواقع الذي يعطيه المعنى و الدلالة". ألم يكن أحرى به أن يقول هذا الكلام لنفسه؟ اللهم إلا أن يكون قد نقل كلامه الحالىّ وكلامه السابق عن جهة من الجهات طلبت منه أن يتبناه ويؤديه كما هو لتحقيق غرض بعينه فى كل مرة دون مبالاة بالصواب والخطإ، فصدع بالأمر فى الحالتين دون إدراك لأبعاده أو فهم لمضامينه، وهو ما أرجّحه!

ثم ها نحن أولاء كذلك، فى الجزء الثانى من مقال له بعنوان "الوطن والمواطنة عند الإسلاميين" منشور فى هذا الموقع ذاته، نقرأ أنه "عندما جاء الإسلام لم ينشغل بالمرة بشئ اسمه الدولة والوطن لأنه لم يكن في مجتمع يعرف بعد معنى كلمة دولة"، وأن "الدولة لم تكن إطلاقا من صلب الدين الإسلامي". إذن فمحمد، فى رأى سيدنا البلبوصى لا رضى الله عنه، كان يدعو إلى دين ولا يريد إنشاء دولة: لا هاشمية ولا قمنية ولا باذنجانية ولا بلبوصية! كذلك لم يكن من الممكن أن يخطر للأعرابى الموهوم أو لعبد المطلب نفسه مفهوم "الدولة". فبأى رأى من الرأيين المتناقضين نأخذ؟ أفتونى ايها الناس! أنا أقول لكم: إنه يرفض الآن أن يكون فى الإسلام دولة، نكايةً فيمن ينادون بإقامة الدولة على أساس إسلامى، على حين يقول فى "الحزب الهاشمى" بأن محمدا إنما قصد إقامة دولة هاشمية من أجل أن ينفى نبوته. وهذا هو السر فى الموقف المتناقض الذى يقفه فى هذه القضية!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير