تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مُهِينٌ" (آل عمران: 178). ويستدل من خطبتها خروج يزيد من حريم الإسلام وعدم اعتقاده بالدين، ويثبت كفره وفسقه أمام الملأ. لقد كشفت واقعة كربلاء عن الكفر الخفي للأمويين، وأزالت الستار عن حقيقتهم وأظهرتها للأمة وللتاريخ، وهذا من ثمار واقعة الطف الخالدة".

ثم خطر لى بعد هذا أن أراجع "البداية والنهاية" لابن كثير، وهو المرجع الذى يشير إليه الكاتب فى هذا السياق على أساس أنه أورد رواية أخرى للبيت الأخير منها، وأوعز فى نفس الوقت للقارئ أن ابن كثير يوافق على أن هذا البيت جزء من قصيدة ابن الزبعرى وأن يزيد بن معاوية قد قاله تشفيا وكفرا، وهو ما استبعدته تمام الاستبعاد. وهنا انكشف تدليس آخر حقير من تدليسات مؤلف الكتاب، فابن كثير لم يقل إن يزيد قد قال ذلك البيت، بل نفى أن يكون لابن الزبعرى أصلا، وكل ما كتبه هو ما توصلت أنا إليه قبل قليل حين قلت إنه من إضافات الشيعة، فالحمد لله أن جمعنى وهذا المؤرخ الكبير على ذات الرأى والحكم.

وإلى القارئ ما كتبه ابن كثير المفترَى عليه، لعن الله من يفترى على الصالحين الكرام كى يشفى حقده الأسود. قال ابن كثير تعليقا على حديث يحرّم فيه النبى ترويع أهل المدينة ويلعن من يقدم على ذلك: "وقد استدل بهذا الحديث وأمثاله من ذهب إلى الترخيص في لعنة يزيد بن معاوية ... وانتصر لذلك أبو الفرج بن الجوزي في مصنف مفرد، وجوز لعنه. ومنع من ذلك آخرون وصنفوا فيه أيضا لئلا يجعل لعنه وسيلة إلى لعن أبيه أو أحد من الصحابة، وحملوا ما صدر عنه من سوء التصرفات على أنه تأوَّل وأخطأ. وقالوا: إنه كان مع ذلك إماما فاسقا، والإمام إذا فسق لا يُعْزَل بمجرد فسقه على أصح قولي العلماء، بل ولا يجوز الخروج عليه لما في ذلك من إثارة الفتنة، ووقوع الهرج، وسفك الدماء الحرام، ونهب الأموال، وفعل الفواحش مع النساء وغيرهن، وغير ذلك مما كل واحدة فيها من الفساد أضعاف فسقه كما جرى مما تقدم إلى يومنا هذا. وأما ما يذكره بعض الناس من أن يزيد لما بلغه خبر أهل المدينة وما جرى عليهم عند الحرة من مسلم بن عقبة وجيشه، فرح بذلك فرحا شديدا، فإنه كان يرى أنه الإمام وقد خرجوا عن طاعته، وأمّروا عليهم غيره، فله قتالهم حتى يرجعوا إلى الطاعة ولزوم الجماعة. كما أنذرهم بذلك على لسان النعمان بن بشير ومسلم بن عقبة كما تقدم. وقد جاء في "الصحيح": "من جاءكم وأَمْرُكم جميعٌ يريد أن يفرق بينكم فاقتلوه كائنا من كان". وأما ما يوردونه عنه من الشعر في ذلك واستشهاده بشعر ابن الزبعري في وقعة أحد، التي يقول فيها:

ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأَسَلْ

حين حلت بفناهم بَََرْكها * واستحرَّ القتل في عبد الأشلّّ

قد قتلنا الضعف من أشرافهم * وعدلنا ميل بدر فاعتدلْ

وقد زاد بعض الروافض فيها فقال:

لعبت هاشم بالملك فلا * خبر جاء، ولا وحي نزل

فهذا إن قاله يزيد بن معاوية فلعنة الله عليه ولعنة اللاعنين، وإن لم يكن قاله فلعنة الله على من وضعه عليه ليشنّع به عليه".

على أن المسرحية لما تنته فصولا، إذ دلس القمنى تدليسا شنيعا فى الاستشهاد بنص نقله عن د. جواد على من كتابه "المفصَّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام"، لكنه لم يؤده كما هو، بل أسقط منه بضعة عشر سطرا عامدا متعمدا دون أن يترك مكانها نقاطا كى يعرف القارئ أن هاهنا كلاما محذوفا (بغض النظر الآن عن أن هذا المحذوف لا يصح حذفه البتة لأنه يفسد المعنى ويقلبه رأسا على عقب)، ثم زاد على ذلك فلَحَمَ الكلامين بطريقة خبيثة لا يتنبه معها القارئ إلى عملية التلاعب الدنيئة التى تمت بلَيْل! والنص المذكور خاص بالكلام عن أمية بن أبى الصلت، وهل استعان بالقرآن فى نظم الأشعار المنسوبة إليه والتى تشبه آى الذكر الحكيم؟ أم هل النبى هو الذى استعان بشعره؟ أم ترى الأمر كله لا يخرج عن استقاء الاثنين من مصدر مشترك؟ وقد انتهى جواد على إلى أن أشعار أمية ذات الصبغة القرآنية الواضحة منحولة عليه بعد الإسلام، ومن ثم فلا تشابه بين شعره وبين كتاب الله على الإطلاق مما لا يعود معه مجال للحديث عن أثر شعره فى القرآن المجيد. لكن تدليس سيد القمنى يقلب القضية رأسا على عقب، إذ يُظْهِر جواد على فى صورة المشايع لما يردده ملاحدة عصرنا من أن الرسول قد استعان بشعر أمية، وهو عكس ما انتهى إليه الرجل فى كتابه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير