تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقد روي عن ابن عباس والقاسم بن مخيمرة وحبيب بن أبي ثابت وعطاء بن دينار ومحمد بن كعب وغيرهم، ففيه نظر والله أعلم.

والأظهر، والله أعلم، الرواية الأخرى عن ابن عباس: وهم ينهون الناس عن محمد أن يؤمنوا به. وبهذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وغير واحد، وهو اختيار ابن جرير. وتوجيهه أن هذا الكلام سيق لتمام ذم المشركين حيث كانوا يصدون الناس عن اتباعه ولا ينتفعون هم أيضا به. ولهذا قال: "وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ* وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ". وهذا اللفظ، وهو قوله: "وَهُمْ"، يدل على أن المراد بهذا جماعة، وهم المذكورون في سياق الكلام. وقوله: "وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون" يدل على تمام الذم، وأبو طالب لم يكن بهذه المثابة، بل كان يصد الناس عن أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بكل ما يقدر عليه من فعال ومقال، ونفس ومال. ولكن مع هذا لم يقدِّر الله له الإيمان لما له تعالى في ذلك من الحكمة العظيمة، والحجة القاطعة البالغة الدامغة التي يجب الإيمان بها والتسليم لها. ولولا ما نهانا الله عنه من الاستغفار للمشركين لاستغفرنا لأبي طالب وترحمنا عليه".

ومن الواضح أن ابن كثير لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى أن عبد المطلب كان صاحب دين توحيدى أو أن ابنه أبا طالب قد مات على ذلك الدين، بل قال إن عم النبى قد مات على عبادة الأوثان دين أبيه خشية من انتقاد قريش له بأنه ترك دين آبائه، ومن ثم كان قول الرسول عليه الصلاة والسلام إنه سوف يعذب يوم القيامة، وإن كان عذابه سيخفف إلى أقل حد ممكن، وهو وقوفه فى ضحضاح من نار لا يبلغ سوى كعبيه ويغلي منه دماغه، نظرا لحمايته للرسول رغم كراهيته إعلان الإيمان به. ليس ذلك فقط، بل رد ابن كثير على الشيعة فى ادعائهم أن أبا طالب قد نطق بالشهادتين، اعتمادا على ما قاله العباس للرسول بعدما فاضت روح أخيه، إذ شكك ابن كثير فى تلك الرواية وأورد روايات أخرى واضحة الدلالة تماما فى أن أبا طالب لم يعلن إسلامه على فراش الموت. بل لقد ختم ابن كثير حديثه فى ذلك الموضوع قائلا إن أبا طالب، رغم أنه "كان يصد الناس عن أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بكل ما يقدر عليه من فعال ومقال، ونفس ومال"، "لم يقدِّر الله له الإيمان لما له تعالى في ذلك من الحكمة العظيمة، والحجة القاطعة البالغة الدامغة التي يجب الإيمان بها والتسليم لها ثم عقب قائلا: "ولولا ما نهانا الله عنه من الاستغفار للمشركين لاستغفرنا لأبي طالب وترحمنا عليه". وهو كلام حاسم فى إفحام كل بكاش نتاش. ومع هذا كله يدلس القمنى ويكذب على عالمنا الجليل زاعما أنه قال إن عبد المطلب كان صاحب دين توحيدى أنشأه، وأن ابنه أبا طالب قد مات على ذلك الدين. لكن لو أن أبا طالب كان موحدا فلم طلب منه ابن أخيه أن ينطق بالشهادتين؟ ثم لم رفض العم؟ بل لم كان العذاب فى نار جهنم أصلا؟ أرأيتم مثل ذلك التدليس القمناوى الذى على أصوله؟

وتدليس آخر نجده فى إحالة صاحب الدكتوراه الملفقة إلى "السيرة الحلبية" عقب كتابته السطور التالية التى يقول فيها: "وعن اليقين بعلم عبد المطلب بأمر حفيده (يقصد أنه سوف يكون نبيا) يتحدث كتبة التراث مسلّمين بالأمر، ثم يقصون أقاصيص تعبر عن هذا التسليم وذاك اليقين، فيذكرون عن ولده العباس رضي الله عنه قوله: قال عبد المطلب: قدمت من اليمن في رحلة الشتاء، فنزلنا على حبر من اليهود يقرأ الزبور، فقال: من الرجل؟ قلت: من قريش. قال: من أيهم؟ قلت: من بني هاشم. قال: أتأذن لي أن أنظر إلى بعضك؟ قلت: نعم ما لم يكن عورة. قال: ففتح إحدى منخريَّ فنظر فيها ثم نظر في الأخرى، فقال: أنا أشهد أن في إحدى يديك مُلْكًا، وفي الأخرى نبوّة. وإنما نجد ذلك، أي كلا الملك والنبوة، في بني زهرة. فكيف ذاك؟ قلت: لا أدري ... فقال: إذا تزوجتَ فتزوج منهم. فلما رجع عبد المطلب إلى مكة تزوج هالة بنت وهيب بن عبد مناف، فولدت له حمزة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير