تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كما شكك فى حكاية سُكْر خويلد الأسدى، وبخاصة أن عالمنا الكبير لم يورد إطلاقا شيئا من الرواية التى تقول بأن عمر عميدة أمهات المؤمنين كان فى ذلك الوقت أربعين عاما؟ ألا يرى القارئ أن القمنى يداور ويناور طوال الوقت، وإن كانت مداوراته ومناوراته عبثية لا تؤدى إلى طائل؟ وما دمنا قد فتحنا هذا الموضوع فقد قرأت لماكسيم رودنسون رأيا وجيها مُفَاده أنه من المشكوك فيه أن يكون عمر خديجة عند زواجها من محمد قد بلغ الأربعين، وإلا كان معنى هذا أنها ظلت تنجب أطفالا حتى بعد تجاوزها الخمسين، وهو ما لا يمكن أن يكون، إذ من المعروف أنها أنجبت للرسول ستة أطفال. يقول رودنسون فى دراسة له بعنوان " Mahomet" أوجز من الكتاب الذى يحمل نفس العنوان:

" on dit qu’elle avait alors 40 ans, en 595 – mais, comme elle lui donna au moins six enfants, il est permis de douter de ce chiffre".

وعلى نفس الشاكلة يرتاب ديفيد صمويل مرجليوث المستشرق البريطانى فى كتابه: " Mohammed and the Rise of Islam" أن تكون خديجة تكبر الرسول بخمسة عشر عاما كما تقول كتب السيرة بوجه عام، مقررا أنها لا يمكن أن تكبره إلا ببضع سنوات فقط:

" She was some years older than Mohammed, but assuredly not forty, as Mohammed’s biographers assert" (J. P. Putnam’s sons, New York & London, 1905, P. 67).

أما موريس جودفروا ديمومبين المستشرق الفرنسى فإنه، فى كتابه: " Mahomet"، يسخر من الرواية التى تتحدث عن إسكار خويلد، واصفا إياها بأنها حكاية فلكلورية، مضيفا أن خويلدا كان قد مات قبل ذلك، وأن خديجة كانت فى ذلك الوقت سيدة أمرها ( Albin Michel, Paris, P. 68):

"Khadîdja a une quarantaine d’années, un grand âge, pour une Mekkoise… Khuwaïlid refuse son consentement au mariage de sa fille avec un homme pauvre et on en est réduit à l’enivrer pour qu’il le donne; belle histoire, mais thème de folklore, et intervention inutile, car il semble que Khuwaïlid était mort à l’époque du mariage de Khadîdja et que celle-ci, qui avait été mariée antérieurement, était libre de sa personne ."

وبعد، فهذا كتاب "الحزب الهاشمى" كما هو فى حقيقته دون جعجعات أو تحشيشات. إنه كتاب سخيف تافه لا وشيجة بينه وبين أوليات البحث العلمى. وفوق هذا فهو قائم على التدليس "عينى عينك" دون حياء أو تردد كما هو الحال مع اللصوص المحترفين الذين يسرقون الكحل من العين دون أن يطرف لهم جفن ودون أن يبالوا بنظرات الناس المصوبة إليهم وهم يسرقون. وفوق هذا فقد رأينا كيف أن الكِتَاب هو هو ذاته كتاب خليل عبد الكريم، مما يدفعنا دفعا إلى ترجيح أن تكون هناك يد خفية تضع الكلام فى فم الاثنين آمرة إياهما أمرا واجب التنفيذ أن ينطقا به على أنه كلامهما هما حتى يكون القضاء على الإسلام بيد واحد ممن ينتسبون إليه لا بيد شخص غريب، تحقيقا لنصيحة ذلك المبشر الخبيث القائلة بأن الشجرة إنما ينبغى قطعها بفأس مصنوعة من أحد غصونها. وهو ما تنبه إليه د. عبد الرحمن بدوى، الذى روى بعض الصحفيين المصريين أنه قرأ مقالا في "اللوموند" عن الصنيعة الغربية سلمان رشدي فانفجر يسبه ويقول: هذا الفاجر الذي جنده الغرب للطعن في الإسلام حتى يقال: "وشهد شاهد من أهلها"، مضيفا أن سلمان رشدي ليس مسلما، ولم يكن يوما مسلما، بل التقط السم المدسوس له في الغرب. وإنى لأرجح ما قلته عن القمنى ترجيحا لأن ما يصدر عن القمنى فى مقابلاته التلفازية من ألفاظ وتصرفات وتطاولات على الضيوف والمذيعين، كل ذلك لا يوحى أبدا أننا بإزاء شخص يمت للفكر بأية صلة. وليس هذا هو رأيى وحدى، بل رأى كل المعلقين تقريبا الذين سجلوا حكمهم عليه فى المواقع المشباكية والمداخلات المرنائية المختلفة. ويزيد الطين بلة أن القمنى يتصور أنه يمكن أن يلبِّسنا العمة فنظن، ولو للحظة، أنه يقرأ باللغات الثلاث: الإنجليزية والفرنسية والألمانية، إذ يشير دائما إلى كتب مؤلفة بتلك اللغات بوصفها مراجع قد قرأها، مع أنه لا يحسن حتى الإنجليزية، تلك اللغة التى أضحى يدرسها الآن تلاميذ المرحلة الابتدائية أنفسهم.

* * *

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير