تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذهب كثير من العلماء إلى الربط بين هذه القصة وبين قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) وقد جاءت روايات كثيرة بهذا الربط أيضا كما في رواية البزار والطبراني وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، وقد ذهب هولاء العلماء إلى أن الآية شديدة الارتباط بهذه القصة؛ إذ تبيّن هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته ثم يرفع الله ما يلقى الشيطان ويبطله ويحكم الآيات (القرآنية) كما أنزلها الله، وقد فسروا (الأمنية) في الآية بالتلاوة، وتمنى: أي قرأ وتلا، وكلمة (في) في قوله تعالى: (في أمنيته) أي: عند؛ كقوله تعالى: (وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) أي عندنا، واستدلوا على أن معنى الأمنية هي التلاوة والقراءة - بقوله تعالى: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) أي إلا قراءة دون فهم، كما استدلوا أيضا بقول حسان بن ثابت رضي الله عنه:

تمنى كتاب الله أول ليلة وآخرها لا في حمام المقادر

ولكن ذلك فيه نظر:-

- قصة الغرانيق لارتباطها بهجرة الحبشة قد وقعت - عند من يقول بها - في السنة الخامسة من البعثة، وسورة النجم تتناول حادثة المعراج التي وقعت في السنة العاشرة من البعثة، وسورة الحج التي فيها الآية السابقة مدنية نزلت بعد الهجرة؛ ولهذا كان ربط هذه الأمور ببعضها زمانياً أمراً متعذراً جداً.

- واضح جداً أن آية الحج لا تتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة؛ وإنما تتناول أحوال الأنبياء والمرسلين عامة في مدافعة الباطل.

- استغرب ابن عاشور من أن يكون التمني بمعنى القراءة والتلاوة؛ فذهب إلى أن ذلك شاذ مخالف لظاهر اللغة فهو عنده ادعاء لا يوثق به وفي صحته شك عظيم

- إن بيت الشعر المستدل به ينسبه أكثر العلماء لحسان بن ثابت رضي الله عنه، ولم يجده الباحث في ديوان حسان، ولكن بعض العلماء كالقرطبي والسيوطي وابن عطية الماوردي والشوكاني قد نسبوه لكعب بن مالك ونسبه ابن عادل مرة لحسان ومرة لكعب

- ذهب ابن تيمية والنيسابوري إلى أن هذا البيت قد استدل به أبو عبيدة معمر بن المثنى على هذا المعنى، ولكن الباحث لم يجد أحداً من أهل المعاجم قد نسب هذا الاستشهاد إلى أبي عبيدة، وقد طالع الباحث كتاب (مجاز القرآن) لأبي عبيدة ولم يجده تعرض لكلمة (تمنى) في سورة الحج ولا (أماني) في سورة البقرة.

- يروى البيت باختلاف كبير في المصراع الثاني؛ إذ يروى هكذا (تمنى كتاب الله أول ليلة وآخرها لا في حمام المقادر)، ويروى (تمنى كتاب الله أول ليلة تمني داود الزبور على رسل)

- فسر بعض العلماء آية الحج تفسيراً يبعدها جداً عن قصة الغرانيق؛ وذلك نحو أبي حيان والشوكاني وابن العربي وابن عاشور، فذهب ابن عاشور إلى أن معنى الآية: أن النبي من الأنبياء إذا تمنى هداية قومه ووجد العناد منهم – ألقى الشيطان في خاطره اليأس من هداهم عسى أن يقصر في دعوتهم؛ فلا يلبث النبي أن ينقشع عن خاطره اليأس الذي ألقاه الشيطان، وذهب أبو حيان إلى أن الآية لما وردت في سياق قوله تعالى: (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) وهي الآية التي قبلها - فإنها تدل على أن الأنبياء والمرسلين كانوا يتمنون هداية أقوامهم فيلقى الشيطان بالشبهة للناس ويزيّن لهم الكفر؛ فإذا أراد الله هداية الناس نسخ هذه الشبهة وأزالها شيئاً فشيئاً ثم يحكم آياته أي يظهر معجزاته ويحكمها في القلوب. وهو تفسير معقول مقبول إلى حد كبير، ولكن ذهب ابن حزم إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم تمنى هداية عمه أبي طالب، وهذا عند الباحث بعيد جداً؛ لأن الآية مدنية بعد الهجرة وأبو طالب مات بمكة قبل الهجرة

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[31 Aug 2009, 12:10 ص]ـ

فك الارتباط بين قصة الغرانيق وآية الإسراء:-

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير