تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولأنه رجل كذاب نراه يقول فى موضع آخر (ص188) إنه قد انجاب عن عقله تأثير الأساطير القرآنية عن الكون والسماء وما إلى ذلك وتخلى عن الإيمان بها وترديدها "منذ عقود طويلة" (بنص كلامه)، وهو ما يعنى أن كفره بالقرآن لم ينتظر حتى أصيب فى عينيه بالانفصام الشبكى، وأخذ يبتهل إلى الله فلم يستجب الله لابتهالاته فكَفَر. وهذا يرينا أن الرجل قد كتب الكتاب منذ البداية قصدا للتشكيك فى القرآن وصرفا للمسلمين عن الإيمان به حتى تخلو المنطقة للأمريكان والغربيين فيصنعوا بها وبأهلها ما يشاؤون دون أية مقاومة، إذ المقاومة الآن هى من صنع الشبان والرجال المسلمين الذين يؤمنون بأن دينهم هو أصح الأديان وأن هذا الدين يأبى عليهم الاستكانة إلى ما ينزله المجرمون الغربيون بأمتهم من عسف وظلم وطغيان وسرقة وقتل ودمار، فأراد أولئك المجرمون أن يقضوا على تلك المقاومة الشرسة الباسلة الرجولية الفدائية التى تعكر عليهم صفو إجرامهم فتخيروا هذا الكاتب وأمثاله وكلفوه أن يكتب مشككا وناشرا الكفر بالقرآن وبمحمد بين المسلمين حتى يخلو الجو لمجرمى الغرب الصليبى ليفعلوا بنا وببلادنا ما يحلو لهم ويبرطعوا على راحتهم دون أن يخسروا مالا أو أرواحا.

وفى الصفحات 78 - 79، 138 - 139 يعود ابن عبد الديجور فيقول إن القرآن كان ثورة فى حينه، ناسيا ما كان قد قاله قبلا من أن فيه سخفا كثيرا. ثم يضيف قائلا إن القرآن قد تحول مع الأيام من ثورة إلى رتابة وسقوط وإملال. والحق أن هذا ليس عيب القرآن، فالنصوص القرآنية التى هاجمت تحجر العقول وغباء البشر وعنادهم فى وجه الحق ما زالت موجودة، وكل ما فى الأمر أن الناس هى التى ركنت إلى البلادة، وإلا فالقرآن يدينهم قبل غيره. والملاحظ أن الكاتب النتاش هنا يهاجم العرب ناعيا عليهم الغباء وتحجر العقول والتمسك السخيف بما ثبت أنه فاسد، وكان قبل قليل يمدحهم ويزعم أنهم مخلصون للحقيقة ذوو أنفة وكبرياء، لا لشىء إلا لما كانوا يبدونه، أيام وثنيتهم من عناد وكراهية للتفكير ومطالبة للرسول بالمعجزة، وهى المعجزة التى سخر منها عِبْس وهاجمها عند كلامه عن رفع الطُّور فوق رؤوس قوم موسى تهديدا لهم. واضح أنه يتخبط ولا يستقيم على طريق واحد!

وفى (ص78 وما بعدها) يتكلم عن وجوب أخذنا بثورة الغرب ولحاقنا بركبه، ويهاجم الأصولية عندنا، متجاهلا الأصولية الأمريكية الرجعية الوحشية واستلهام الأمريكان لأوهامهم الدينية المتخلفة فى تدمير بلادنا وقتل شعوبنا مدعين أن الله يأمرهم بها ويباركه. المهم أنه، بعد قليل من تأكيده أن القرآن كان ثورة فى القرن الأول للهجرة ثم آض عبئا وجمودا يحتاج بدوره إلى ثورة، يعود فيقول ما معناه أن الإسلام ظل إلى القرنين الحادى عشر والثانى عشر يتجدد ويبدع. فبأى الرأيين نأخذ؟ ولقد مدح الوثنيين المكيين وعنادهم ورفضهم للدعوة الإسلامية فى البداية وعد ذلك منهم إخلاصا للحقيقة وأنفة وكبرياء يستحقان المديح والتمجيد. فأى تناقض هذا؟

لقد أكد عِبْس أن مطالبة قريش للنبى بأن يعذبهم الله أو يمطرهم بحجارة من السماء كما حكت ذلك سورة "الأنفال" دليل على أنفة النفس والإخلاص التام فى سبيل البحث عن الحقيقة (ص66)، فهل يريد أن يقول إن وثنية قريش أفضل من وحدانية محمد عليه السلام، وبالتالى فعنادهم دليل على إخلاصهم ينبغى الثناء عليه؟ لكن ماذا كان يفيد إهلاكهم فى إقناعهم، وهم ساعتئذ سوف يكونون قد ماتوا، فلا فائدة من ثم فى هذا الدليل؟ على كل حال لقد تحداهم القرآن منذ البدايات الأولى فى مكة بأنهم، بعنادهم وكفرهم، سوف يخسرون كل شىء، وسوف ينتصر الإسلام رغم كل شىء، وهو ما قد كان. ألا يكفى هذا عند الكاتب ومن يختفون خلفه ويحرضونه على الشر والتساخف؟ ثم أى إخلاص ذلك الذى يتحدث عنه الكاتب، وقريش جميعا، إلا من مات منهم، وعددهم لا يذكر، قد آمنوا بهذا الذى كانوا ينكرونه ويعاندونه؟ فلماذا لم يُثْنِ عليهم إذن بأنهم عندما استبان لهم الحق لم يستمروا فى العناد والكفر بل انصاعوا لذلك الحق؟ أم ترى الأنفة والإخلاص لا يكونان إلا مع الكفر؟ والمضحك أنه بعدما لمز النبىَّ كثيرا لعدم نزول معجزات عليه، ومنها معجزة حجارة التدمير السماوية تلك، يعود (فى الهامش) فيسخر من إيمان بنى إسرائيل بسبب معجزة رفع الطُّور فوقهم لأن هذا فى رأيه إيمان المجبَر. إذن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير