تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من إنسان فى الدنيا إلا وهو مبتلًى فى شىء من هذه الأشياء، أما السعادة الخالصة فهى كالعنقاء لا وجود لها فى الدنيا. وهذا أمر لا يشاحّ فيه أحد لأنه من حقائق الحياة الصلبة التى لا يصلح فيها إنكار ولا تزويق أيا كانت العقيدة التى يعتقدها الشخص!

والواقع أن هذا يُخْطِر على البال للتو ما يقرؤه الإنسان فى الإصحاح الثامن والعشرين من سفر "التكوين"، حيث يكتب مؤلف السفر عن النبى يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم كلاما لا نصدّق به لأنه لا يتناسب وشخصية الأنبياء، الذين كان حفيد الخليل عليه السلام واحدا منهم، إذ نراه يساوم ربه على الإيمان به والعبادة له طارحا عليه شروطًا إن حققها له آمن به واتخذه ربا له وأدى له فروض العبادة، وإلا ... ولنقرأ: "10خَرَجَ يَعْقُوبُ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ وَذَهَبَ نَحْوَ حَارَانَ. 11وَصَادَفَ مَكَانًا وَبَاتَ هُنَاكَ لأَنَّ الشَّمْسَ كَانَتْ قَدْ غَابَتْ، وَأَخَذَ مِنْ حِجَارَةِ الْمَكَانِ وَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَاضْطَجَعَ فِي ذلِكَ الْمَكَانِ. 12وَرَأَى حُلْمًا، وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ، وَهُو َذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا. 13وَهُو َذَا الرَّبُّ وَاقِفٌ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «أَنَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ. الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ مُضْطَجِعٌ عَلَيْهَا أُعْطِيهَا لَكَ وَلِنَسْلِكَ. 14وَيَكُونُ نَسْلُكَ كَتُرَابِ الأَرْضِ، وَتَمْتَدُّ غَرْبًا وَشَرْقًا وَشَمَالاً وَجَنُوبًا، وَيَتَبَارَكُ فِيكَ وَفِي نَسْلِكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. 15وَهَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ، لأَنِّي لاَ أَتْرُكُكَ حَتَّى أَفْعَلَ مَا كَلَّمْتُكَ بِهِ». 16فَاسْتَيْقَظَ يَعْقُوبُ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ: «حَقًّا إِنَّ الرَّبَّ فِي هذَا الْمَكَانِ وَأَنَا لَمْ أَعْلَمْ!». 17وَخَافَ وَقَالَ: «مَا أَرْهَبَ هذَا الْمَكَانَ! مَا هذَا إِلاَّ بَيْتُ اللهِ، وَهذَا بَابُ السَّمَاءِ». 18وَبَكَّرَ يَعْقُوبُ فِي الصَّبَاحِ وَأَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي وَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ وَأَقَامَهُ عَمُودًا، وَصَبَّ زَيْتًا عَلَى رَأْسِهِ. 19وَدَعَا اسْمَ ذلِكَ الْمَكَانِ «بَيْتَ إِيلَ»، وَلكِنِ اسْمُ الْمَدِينَةِ أَوَّلاً كَانَ لُوزَ. 20وَنَذَرَ يَعْقُوبُ نَذْرًا قَائِلاً: «إِنْ كَانَ اللهُ مَعِي، وَحَفِظَنِي فِي هذَا الطَّرِيقِ الَّذِي أَنَا سَائِرٌ فِيهِ، وَأَعْطَانِي خُبْزًا لآكُلَ وَثِيَابًا لأَلْبَسَ، 21وَرَجَعْتُ بِسَلاَمٍ إِلَى بَيْتِ أَبِي، يَكُونُ الرَّبُّ لِي إِلهًا، 22وَهذَا الْحَجَرُ الَّذِي أَقَمْتُهُ عَمُودًا يَكُونُ بَيْتَ اللهِ، وَكُلُّ مَا تُعْطِينِي فَإِنِّي أُعَشِّرُهُ لَكَ» ".

ولقد صور القرآن شخصية الإنسان الذى من هذا النوع فى قوله تعالى: "ومن الناس من يعبد الله على حَرْف: فإن أصابه خيرٌ اطمأن به، وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه، خَسِر الدنيا والآخرة. ذلك هو الخسران المبين"، "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربُّه فأكرمه ونَعَّمه فيقول: ربى أكرمنِ. وأما إذا ما ابتلاه فَقَدَر عليه رزقَه فيقول: ربى أهاننِ. كلا". والقرآن لم يَعِدِ البشر فى أى موضع منه أن تكون حياتهم هناءة وسعادة مستمرة، بل قال على لسان المولى عز وجل بمنتهى الوضوح: "لقد خلقنا الإنسان فى كبد"، "ولنبلونَّكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات"، "لتُبْلَوُنَّ فى أموالكم وأنفسكم، ولتَسْمَعُنَّ من الذين أوتوا الكتابَ من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا. وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير