تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عباس؟ ومع هذا لقد كان فى الشيخ عثمان رحمه الله بقية من حياء وإنسانية نَمَّ عنها جوابه الأخير علىّ كما هو واضح.

وبالمثل يرى عباس الهجّاص أن استجابة الله للدعاء لا تتحقق إلا بأن يحقق لصاحبه ما يريد، وعلى النحو الذى يريد، وبالمقدار الذى يريد (ص270)، مع أن تحقيق الدعاء على النحو الذى يريده صاحبه قد يكون ضارا به بل قاتلا، فى الوقت الذى يحسبه هو السعد كله. ومعروف أن إجابة الدعوة تختلف باختلاف المجيب، فنحن إذا دعينا إلى حضور حفل مثلا فليس شرطا أن تكون الإجابة تحقيقا لما يريده الداعى، إذ قد تكون اعتذارا أو حضورا أو تحديا وتمردا أو شتما وتطاولا أو شكرا وثناء أو إرسال شخص آخر لحضور الدعوة.

وعلى أية حال فقد شرح الرسول عليه الصلاة والسلام لنا كيفية استجابة الله لدعاء الداعين على النحو التالى الذى يبدو وكأنه يتحدث عن عِبْس وما كتبه فى كتابه: "ما من رجل يدعو الله بدعاءٍ إلا استجيب له: فإما أن يعجّل في الدنيا، وإما أن يدّخر له في الآخرة، وإما أن يكفّر عنه ذنوبه بقدر ما دعا، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل. قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعجل؟ قال: يقول: دعوت ربي، فما استجاب لي" (الترمذى)، "ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها مأثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يستجيب له دعوته، أو يصرف عنه من الشر مثلها، أو يدخر له من الأجر مثلها" (البيهقى)، "ما من مسلم دعا الله عز وجل بدعوة ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم إلا أعطاه الله عز وجل بها إحدى خصال ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها. قالوا: يا رسول الله، إذًا نُكْثِر. قال: الله أكثر" (ابن عساكر: تاريخ دمشق)، "ما من رجل يدعو الله بدعاء إلا استجيب له: فإما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل. قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعجل؟ قال: يقول: دعوت ربي، فما استجاب لي" (الترمذى).

والغريب فى أمر عِبْس واضطراب فكره وعقله أنه فى الوقت الذى يبدى سخطه لأن الله لا يستجيب لكل صاحب حاجة فى الحال وعلى النحو الذى يريد، يكتب فى موضع آخر من الكتاب منتقدا المشيئة الإلهية واصفا إياها بالعشوائية وأنها لا تعرف النظام، إذ إن القرارات التى يتخذها الله هى قرارات وليدة اللحظة. فكيف بالله نوفق بين هذا وذاك؟ إن استجابة الدعاء فى الحال وعلى النحو الذى يريده صاحبه وبالمقدار الذى يراه لتتناقض مع ما يريده عِبْس ذاته من وجوب اطراد السنن وعدم تغيرها كل لحظة، وهوما نتفق معه فيه، وإن كنا نرى أن ذلك هو الحاصل فعلا منذ بداية الخلق. لكن متى كان عِبْس يعرف الاتساق فى الفكر والرأى والموقف؟ إن كل ما فى الكتاب مضطرب على تلك الشاكلة لا يعرف القارئ له رأسا من ذيل. إنه كلام والسلام. إنه سخط سخيف عديم العقل والمنطق. وسبب ذلك أن صاحبه دخل الكتاب وفى نيته التشكيك فى القرآن والإسلام بكل طريق. وهذه هى النتيجة!

وتعليقا على الآيات الكريمات التاليات من سورة "فُصِّلَتْ": "قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) " يتهكم الأحمق الأخرق قائلا بجهل ورعونة: "هذه الاية يختلط فيها الغموض بالركاكة. وبتعبير أدق: إن غموضها من ركاكتها ومن تعارضها مع آيات أخرى فى القرآن. وقد يكون العكس هو الصحيح، فعدم وضوح الرؤية فى ذهن صاحبها يورثه الارتباك بل الالتواء فى التعبير عنها، فيخبط ذات اليمين وذات الشمال، فتتناثر المعانى بعيدا عن الألفاظ، وتبتعد الأعداد عن المعدوات. لقد فقد النص اتساقه،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير