تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الهندسية، نظرية مركزية الأرض، في نظامه الفلسفي. كذلك اقترح هيراقليدس أوف بونتس، خلال القرن الرابع ق. م الميلاد، أن الحركة الظاهرية للأجرام السماوية ناحية الغرب راجعة في الحقيقة إلى دوران الأرض حول محورها في اتجاه الشرق. كما اعتقد أن عطارد والزهرة يدوران حول الشمس، وليس حول الأرض. وخلال القرن الثالث قبل الميلاد ذهب أريستاركوس أوف ساموس لأبعد من ذلك فاقترح دوران الكواكب بما فيها الأرض حول الشمس ودوران الأرض حول محورها. وكان كل من هيراقليدس وأريستاركوس سابقين زمانهما، ومع ذلك لم تستطع أفكارهما أن تحل محل نظرية مركزية الأرض. وفي حوالي عام 125ق. م قسَّم فلكي إغريقي يدعى هيبارخوس النجوم التي أمكنه رؤيتها إلى أنواع من التوهج. ونظام الأقدار الذي يستخدمه الفلكيون حاليًّا صورة مطورة من هذا المقياس القديم. ويُعْرَف هيبارخوس في التراث العربي والإسلامي باسم "أبو خس".

خلال القرن الثاني الميلادي طور الفلكي الإغريقي كلاوديوس بطليموس، الذي عاش في الإسكندرية بمصر، نظريات أرسطو وهيبارخوس. وضمَّن بطليموس كتابه: "المجسطي" أفكاره وملخص أفكار الفلكيين الإغريقيين، وخصوصًا هيبارخوس. ويعد "المجسطي" المصدر الرئيسي لمعارفنا عن الفلك الإغريقي. وقد انتقد أبو محمد جابر بن الأفلح هذا الكتاب في كتابه المعروف بكتاب "إصلاح المجسطي"، ودعم انتقادَه هذا عالِمٌ آخرُ أندلسيٌّ هو نور الدين أبو إسحق الأشبيلي في كتابه: "الهيئة". ظلت نظرية بطليموس عن مركزية الأرض سائدة لنحو 1500 عام، وتقبل الفلكيون جزءًا من أفكاره وجداوله التي وضعها للكواكب مسبقًا. وخلال معظم هذه الفترة أولى الأوربيون قليلاً من الاهتمام بعلم الفلك. هذا في الوقت الذي واصل فيه الفلكيون العرب رصد السماء وتنقيح ما جاء في كتابات بطليموس والمحافظة عليها. وأخيرًا ظهرت ترجمة "المجسطي" باللاتينية في القرن الثاني عشر فقدمت أفكار بطليموس إلى أوروبا".

وواضح أنه لا يوجد فى علم الفلك الإغريقى شىء اسمه "سماوات سبع" تشكل السماء التى نراها فوقنا السماء الأولى فيها طبقا لما جاء فى القرآن، ولا أن المسافات الفلكية تقاس بآلاف السنين كما أومأت إلى ذلك الآية الرابعة من سورة "المعارج". ومن الناحية الأخرى ليس فى القرآن أن الشمس تجرى حول الأرض، التى لا يتحدث الكتاب المجيد عنها أبدا على أنها مركز الكون كما يزعم عِبْس وكاتب مادة " Cosmology" فى "دائرة المعارف الإسلامية". وكذلك ليس فيه أن الأفلاك كائنات عاقلة تدبر الكون طبقا لما كان بعض فلاسفة المسلمين يقولون متأثرين خطا الفلكيين والفلاسفة الإغريق، ففى الإسلام لا يوجد إلا مدبر واحد هو الله سبحانه وتعالى. وبالمناسبة فإن أوائل مفسرى القرآن العصريين المتأثرين بالثقافة الحديثة مثلا كانوا يشرحون "السماوات السبع" على أنها الكواكب السبع ظنا منهم أن عدد الكواكب سبعة، غافلين عن أن السماء ليست هى الكوكب من جهة، وأن الكواكب من الجهة الأخرى تزيد عن سبعة. وهذا خطأ يتحملون هم تبعته لا القرآن!

ثم ينقل عِبْسٌ (ص109) قول الرازى العالم الطبيعى (لا الرازى مفسر القرآن) نقل المحتفى الذى يفكر يديه حبورا وسرورا. وهذا هو كلام العالم الفيلسوف كما نُسِب إليه فى بعض الكتب القديمة لا كما سجله هو بنفسه لأن كتبه التى يقال إنه ألفها فى الكفر بالنبوات وما إلى ذلك لا وجود لها، وربما لم توجد قط: "وايْمِ الله لو وجب أن يكون كتابٌ حجةً لكانت كتب أصول الهندسة و"المجسطى"، الذى يؤدى إلى معرفة حركات الأفلاك والكواكب، ونحو كتب المنطق، وكتب الطب الذى فيه مصلحة للأبدان، أولى بالحجة مما لا يفيد نفعا ولا ضرا". لقد نقل عبس هذا النص قائلا إن الرازى إنما يقصد بكلامه هنا "القرآن وأمثاله". وفات مدلسنا الأكبر أنه قد تكررت، فى كتابه هذا نفسه، زرايته على علم الفلك اليونانى الأسطورى الذى يمجده الرازى فى هذا النص. فما عدا مما بدا؟ هل الهدف عنده هو المكايدة، والسلام، ولا يهم التناقض بعد هذا فى قليل أو كثير؟ ثم كيف تكون نهضة عند العرب أو غير العرب دون أن تتقدمها أولا نهضة روحية تتحرر فيها الهمم والضمائر والعقول من الكُبُول التى تشل حركتها؟ وهل كان الرازى ليظهر فى أمة العرب دون أن يسبقه محمد فيدعو إلى طرح الخرافات والأوهام والإقبال على العلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير