تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شكّل وجود اليوم الآخر مشكلة بالنسبة للمشركين، فردّ القرآن الكريم عليهم بأنّ عدم وجوده يعني العبثية فقال تعالى: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ. فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ" (المؤمنون، 115 - 116)، وقال تعالى: "أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى" (القيامة،36)، ودلّل على ضرورته بالنظر إلى كل الظواهر الكونية، فستجد الحكمة والقصد والهدف من وراء خلقها بالصورة التي خُلقت عليها فقال تعالى في سورة النبأ: "أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا. وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا. وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا. وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا. وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا. وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا. وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا. وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا. وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا. لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتًا. وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا. إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا" (النبأ، 6 - 17)، فأشارت الآيات إلى أنّ الله جعل الأرض ممهّدة لحكمة تسهيل السير فيها، وجعل الجبال عالية شاهقة لتثبيتها ولتقوم مقام الأوتاد بالنسبة للخيمة، وخلق البشر أزواجًا من أجل السكن والمودّة واستمرار النوع، وجعل النوم سُباتًا من أجل الراحة، وجعل النهار مضيئًا من أجل الإنتاج والمعيشة، وجعل الشمس متوهّجة من أجل إنبات النبات وإمكانية عيش الإنسان، وجعل الماء ينزل من السُحُب من أجل إحياء النبات والحيوان والإنسان. إذن فكل شيء مخلوق لحكمة، وإذا كانت الحكمة والقصد والغاية والهدف قانونًا يحكم كل مخلوقات الكون، فلابد من أنّ يحكم الإنسان، لذلك لابد من اليوم الآخر، لذلك قال تعالى بعد تلك الآيات: "إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا" (النبأ، 17).

السادس: التدليل على إمكانية بعث الأموات:

تشكّك المشركون في بعث الأموات الذين صاروا ترابًا، فنقل عنهم تشكّكهم واستغرابهم النشر، في القرآن: "وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ" (الواقعة، 47)، وقال تعالى أيضا: "أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ" (ق، 3)، فردّ عليهم القرآن بأمرين:

الأول: أنّ الذي خلق أول مرّة قادر على أن يعيد خلقه مرّة ثانية فقال تعالى: "وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ" (يس، 78 - 79).

الثاني: أنّ خلق السماوات والأرض وهي من خلق الله أكبر من خلق الإنسان، فالنتيجة أنّ الله قادر على أن يعيد خلق الإنسان بعد أن يموت، قال تعالى: "لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (غافر، 57)، وقال تعالى: "وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ" (الروم، 27).

السابع: التدليل على بعض صفات الله:

لم يتحدّث القرآن الكريم عن بعض صفات الله حديثًا نظريًّا، وإنما تحدّث عنها من خلال آيات الكون والإنسان، ففصّل في صفات الخلق والقدرة والعلم والحكمة والخبرة والقوّة من خلال عشرات الآيات

"

لم يتحدّث القرآن الكريم عن بعض صفات الله حديثًا نظريًّا، وإنما تحدّث عنها من خلال آيات الكون والإنسان، ففصّل في صفات الخلق والقدرة والعلم والحكمة والخبرة والقوّة إلخ ... من خلال عشرات الآيات فقال تعالى عن صفات الخلق: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" (المؤمنون، 12 - 14)، وقال تعالى: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير