تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو الفداء]ــــــــ[21 Dec 2009, 10:57 ص]ـ

يعني تمثيلا على ما أقول، أنقل إليكم كلام بحاث من باحثي الإعجاز في مقدمته لبحث من أبحاثه حول ما اصطلحوا عليه بالآيات الكونية، وهو أستاذ في علوم الأرض في جامعة المنصورة. يقول الدكتور:

إننى أهدف من هذا البحث إلى بيان سمو النص القرآنى المتعلق بتأريخ الكون, وعلوه فوق ما نعتبره اليوم من حقائق العلم, وتقديم خدمة جليلة للعلم ذاته من خلال مراجعة وتصحيح مداخله لتتسق مع النصوص القرآنية ذات الصلة. كما أهدف إلى توضيح الرؤى العلمية الثاقبة لمفسرى القرآن الكريم والتى يجدر بعلماء الكون والفلك اليوم أن يستفيدوا منها فى استشراف آفاق العلم اليوم وفى المستقبل. كما أنه تولدت لدى قناعة راسخة بأن قمة الرسوخ فى علوم الكون تستلزم استخدام نفس المصطلح القرآنى. ومن خلال عرض حقائق أساسية عشر لعلم تأريخ الكون (الكسمولوجيا). وقد تبين لى أن تلك الحقائق القرآنية العلمية هى الأساس الذى يقوم عليه ذلك العلم

وهاكم رابط المقال:

http://www.55a.net/firas/arabic/print_details.php?page=show_det&id=1907

والناظر إلى هذا الكلام يجد أن فيه من الأخطاء المنهجية الشيء الكثير!

1 - "سمو النص القرءاني وعلوه فوق ما نعتبره اليوم من حقائق العلم"، لا يتأتى بأن نثبت توافقه مع ما نعتبره اليوم من حقائق العلم! غاية ما يحصل من ذلك = إثبات موافقة القرءان لما نعتبره اليوم من حقائق العلم، لا إثبات سموه عليها!

2 - قوله "وتقديم خدمة جليلة للعلم ذاته من خلال مراجعة وتصحيح مداخله لتتسق مع النصوص القرآنية ذات الصلة" يظهر فيه موطن الخلط الذي نبهتُ عليه في المشاركة الآنفة من كون القوم ينظرون الآن إلى القرءان بوصفه مرجعا للعلوم الطبيعية والصناعات الدنيوية!! فإشكالية تعيين النصوص القرءانية "ذات الصلة" إنما تكمن في توسعهم الشديد في مفهوم "الإشارة الكونية" في النص القرءاني حتى صار صنعة جديدة من صناعات التفسير يشتغل بها كل أحد!!

وصحيح أن ما كان مخالفا لما في القرءان مما وضعه الناس من النظريات فإنه مردود باطل بلا شك، ولكن من من الإعجازيين جرى على هذه الغاية فيما كتب؟ كلهم يسعى إلى إثبات صحة القرءان و"إعجازه" بإثبات موافقته لما توصل إليه وما وضعه الفلكيون وأصحاب العلوم الدنيوية من نظريات، وليس إثبات بطلان ما خالف نص القرءان من نظريات! ومجرد فهمهم لحقيقة الإعجاز العلمي يتضح منها هذا المنهج بما يغني عن بيانه! فدعوى صاحبنا هذه بعيدة عما يسلكه الإعجازيون من مسالك في الحقيقة!

3 - يؤكد على ما سبق قول الدكتور: "كما أهدف إلى توضيح الرؤى العلمية الثاقبة لمفسرى القرآن الكريم والتى يجدر بعلماء الكون والفلك اليوم أن يستفيدوا منها فى استشراف آفاق العلم اليوم وفى المستقبل"

فأولا، الباحثون في الإعجاز إلا ما رحم ربي عندهم افتتان بعلوم الدنيا - التي هي صناعتهم واختصاصهم بالأساس - فتراهم لا يطلقون لفظة "العلمية" أو "العلم" إلا ويريدون بها العلم الدنيوي! وفاتهم أن تفسير القرءان علمٌ، وعلم دقيق، وهو من أشرف العلوم على الإطلاق إذ شرف العلم يعرف بشرف معلومه، وما من معلوم أشرف من كلام الله رب العالمين! والدكتور في كلامه هذا يتكلم من منطلق من أوتي علما يريد أن يفتح به فتحا على "مفسري القرءان الكريم" وكأنهم كانوا في حيرة من أمرهم إزاء كتاب رب العالمين ينتظرون أن يأتيهم هؤلاء الباحثون "بالرؤية العلمية الثاقبة" التي بها يفهمون كلام الله عز وجل!!!

4 - قوله "كما أنه تولدت لدى قناعة راسخة بأن قمة الرسوخ فى علوم الكون تستلزم استخدام نفس المصطلح القرآنى" هذا خطأ منهجي واضح! إذ لا يسع أحدا أن يفرض على أهل صنعة من الصناعات الدنيوية (أو الشرعية) أن يستخدموا اصطلاحا غير اصطلاحهم أيا ما كان مصدره!! وإلا فماذا يقصد من "استخدام نفس المصطلح القرآني"؟؟ عند التأمل يتبين أن مراده سبغ نظريات علوم الكون بصبغة ألفاظ القرءان، من خلال أبحاثهم التي تحشر تلك العلوم في آيات الله حشرا!!! كأن نقول - مثلا - "فتق الرتق" بدلا من "الانفجار الكبير"، فهي عنده حقيقة قرآنية كما سيأتي!!!! وهذا تفريع على الأصل الذي تقدم نقده عندهم.

5 - ليس في علم تأريخ الكون ما يوصف بأنه حقائق .. والدكتور يقول: "ومن خلال عرض حقائق أساسية عشر لعلم تأريخ الكون (الكسمولوجيا). " فهذا يدخلنا في إشكالية من إشكاليات فلسفة العلوم وهي قضية حجية النظرية الطبيعية ومحلها ما بين الظن والقطع، ومحلها - أيا كانت درجتها - من حقائق القرءان .. فأول المشكلات تحويل الظنيات إلى حقائق "أساسية"، ثم العمل على استخراجها من نص القرءان، بغية إثبات إعجاز القرءان بموافقته لتلك الحقائق!! فتأمل إذ يقول بعدُ:

"وقد تبين لى أن تلك الحقائق القرآنية العلمية هى الأساس الذى يقوم عليه ذلك العلم"

فالدكتور قد توصل إلى جعل تلك "الحقائق" العشر التي ضرب عليها ختم "الحقيقة العلمية" في علم الكوزمولوجيا (ولعلها من أقوى النظريات حجية بالمقارنة بما سواها من نظريات تلك الصنعة عند أصحابها) = حقائق قرءانية، بناءا على سعيه لاستخراجها من نص القرءان، ثم الآن هو يدعي أن تلك النظريات أساسها القرءان!!!!

فتأملوا بارك الله فيكم مدى ما بلغه الخلط المنهجي العميق عند أصحاب أبحاث الإعجاز، والله المستعان!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير