تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الاستنباط بمعنى الاستدلال واستخراج الأحكام الفقهية من مجموع النصوص شيء، وتحقيق مراد المتكلم من كلامه في كل نص من النصوص شيء آخر. وجوابا على سؤالك: كلا بالطبع، ليس كل أحد يستطيع أن يستنبط ويفرع! ولكن ما علاقة هذا الكلام بالنظر في مصادر معرفة تفسير كلام الله؟؟ هل التفسير عندك استنباط وتفريع؟

والصحابة رضي الله عنهم هم أبناء اللغة العربية الفصحى، ولكنهم كأي بشر تتفاوت أفهامهم وقدراتهم العقلية والفكرية؛ فهذا عمرو بن العاص القائد العسكري الفذ يتعرى ويتمرغ في التراب لأنه هكذا فهم التيمم.

كل هذا خارج محل النزاع، بارك الله فيك .. هذا اجتهاد منه في الفقه والعمل لا في التفسير، فتأمل.

وهذا صحابي آخر يضع تحت وساده خيطاً لونه أبيض وآخر لونه أسود وينظر بين الحين والآخر عملاً بقوله تعالى:" حتى يتبن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر".

ولو أنك في زمانه ولم يردك مزيد بيان من النبي عليه السلام بالمراد من هذا النص، لكنت معذورا بعذره، ولكن ما عذرك الآن إن خالفت ما استقر عليه فهم السلف في هذا النص؟؟؟ هذا بيت القصيد!

وإذا كان كل أحد من الصحابة يفهم القرآن والسنة فبماذا تميّز ابن عباس رضي الله عنه عن باقي الصحابة، وبماذا تميز معاذ؟!

لم يقل أحد من الناس بأن كل الصحابة كانوا سواءا في العلم بتأويل كلام الله! وليس هذا معنى قولنا بعدم الخروج على فهم السلف! إنما نقصد أن الحق في معرفة مراد الله تعالى من كلامه موجود فيما نقل عنهم لا محالة! ولا شك أننا إن أردنا أن نتحرى معرفة ذلك منهم، فإننا نبدأ بأعلمهم بالقرءان! ولهذا كانت أكثر المنقولات عن السلف في التأويل محصورة في قلة من الصحابة لأنهم هم الأعلم بكتاب الله، وهم الذين تلقوا الفهم فيه عن النبي عليه السلام، ومن بعدهم من تبعهم من التابعين .. وبما أننا نؤمن بأن الأمة أبدا ما أجمعت على ضلالة قط، وأنها لا يزال الحق فيها إلى قيام الساعة، فمراد الله تعالى من كل آية من آيات كتابه لا يزال موجودا فيما ورثناه عنهم (فيما اتفقوا عليه أو في بعض أقوالهم إن اختلفوا) ولابد!!

ثم لماذا تستدرك عائشة رضي الله عنها على أفهام الصحابة؟!

خارج النزاع.

الصحابي ابن عصره وفهمه على قدر علمه ووعيه. وهو فقط يتفرد بما أخذ عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وما وراء ذلك يؤخذ من قوله ويرد إلا ما كان إجماعاً منهم رضي الله عنهم.

وهل خاطب الله تعالى الصحابة في كتابه بكلام قصرت أفهامهم عن إدراكه وما كان يناسب عصرهم ووعيهم، فتخلفوا عن فهم مراده منه حتى ظهر أصحاب الإعجاز في زماننا هذا؟؟ ما هذا الكلام يا أخي؟؟ "ابن عصره" هذه تقال في علم من العلوم المادية القائمة على المشاهدة والنظر، وليس في كتاب عربي مبين نزل عليهم بلسانهم ليهديهم إلى أقوم السبل!!

بل إن قول الرسول عليه السلام:" رب مبلغ أوعى من سامع" يدل على احتمال أن يكون غير الصحابي أوعى من الصحابي. كيف لا والكثير من الصحابة لا يقارن فهمهم بالشافعي وأحمد وابن تيمية والبخاري ....

لو سلمت لك بفهمك لهذا النص، للزمني أن أقرر أن كتاب الله تعالى فيه من الكلام ما نقله جميع الصحابة دون أن يعيه أحد منهم، حتى وعاه فلان وفلان من باحثي الإعجاز في زماننا هذا، وفهم حقيقة مراد الله منه كما لم يفهمه أحد منهم!! فهل تعي لازم هذا الكلام يا أخي الكريم؟

دليلنا على بطلان هذا المعنى هو ببساطة أن من يدعي أن تفسيرا أو تأويلا جديدا قد ظهر في زماننا لمراد الله تعالى من بعض كلامه بخلاف ما كان يعلمه السابقون، هذا لازم كلامه تجهيل سائر القرون السالفة بحقيقة مراد الله من كلامه، وتخلية تلك القرون جميعا من قائل بمراد الله الحق فيها!! وهذا باطل ولابد إذ معناه إجماع الأمة على ضلالة، ولازمه غياب الحق الذي أجمعت الأمة على أنه باق فيها إلى قيام الساعة وإن قل القائلون به، فتأمل بارك الله فيك.

ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[23 Dec 2009, 12:11 ص]ـ

إخوتي الكرام:

هذه المقارنات لا تخلو من مجاوزة للحد ..

فالحق - كما قال الأخ أبا منقذ - أن أهل السنة لا يختلفون في أن الصحابة رضي الله عنهم ليسوا معصومين، ولكنهم كذلك متفقون أن الحق لا يوجد خارج فهمهم من حيث الجملة.هذا أولا.

ثانيا: فهم علماء الأمة إنما هو مبني على فهم من سبقهم من الصحابة وأهل العلم، وإن زاد أحدهم أو وسع في أمر ما فهي زيادة تعتبر امتدادا لفهم من سبقه وليست مناقضة لها بحيث يستحيل الجمع بينهما، وإن وقع ذلك ففهم الصحابة أولى من فهم غيرهم مهما بلغ من العلم.

ثالثا: مشكلة أهل الإعجاز أن فهمهم وتفسيرهم للآيات القرآنية بالظواهر العلمية أو لنسمها - تنزلا - حقائق علمية هو فهم مخالف لما فهمه الرعيل الأول من هذه الأمة والجمع بينهما مستحيل في كثير من الآيات؛ بل حتى في الأسس والأصول التي ينبني عليها تفسير كتاب الله تعالى، وهذه هي الطامة الكبرى، فماذا سنفعل هل نغرق كل التفاسير الموجودة عندنا في اليم ثم نكتب تفسير أهل الإعجاز وندرسه لأبنائنا؟ لا أظن عاقلا يقول بهذا.

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير