تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[25 Jan 2010, 05:19 م]ـ

وهذه دراسة للدكتور يوسف القرضاوي - حفظه الله - لعلها تضيف شيئاً في الموضوع أو تسهم في بيان يجلي حقيقة الأمر نرجو بضمها زيادة بيان عسى أن تكون ذات فائدة

قراءة في آراء معارضي التفسير العلمي للقرآن

اشتهر في عصرنا لون جديد من التفسير، أطلق عليه "التفسير العلمي للقرآن"، ويقصد به التفسير الذي تستخدم فيه العلوم الكونية الحديثة: حقائقها ونظرياتها، لبيان مراميه، وتوضيح معانيه. والذين يُعنون بهذا اللون من التفسير في الغالب ويتحمسون له هم علماء الكون والطبيعة، وليسوا من علماء الدين والشريعة.

وعلماء الدين والشريعة يختلفون فيما بينهم حول جواز هذا اللون من التفسير، ومدى شرعيته، وفي الخمسينيات من القرن العشرين ثارت معركة جدلية على صفحات الصحف المصرية بين فريقين من علماء الدين حول هذه القضية، وأحسب أن الخلاف فيها لم يزل إلى يومنا بين منتصر لهذا الرأي ومنتصر لمخالفه. وقبل ذلك وجدنا من كبار العلماء الباحثين المحدثين المؤيدين والمعارضين، وإن كان المعارضون أكثر وأوفر.

معارضة الشيخ شلتوت

وجدنا من المعارضين الإمام الأكبر محمود شلتوت رحمه الله، الذي أنكر في مقدمة تفسيره على طائفة من المثقفين أخذوا بطرف من العلم الحديث، وانتقلوا أو تلقفوا شيئا من النظريات العلمية والفلسفية وغيرها، وأخذوا يستندون إلى ثقافتهم الحديثة، ويفسرون آيات القرآن على مقتضاها، قال الشيخ عن هؤلاء:

(نظروا في القرآن فوجدوا الله سبحانه وتعالى يقول: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ) (الأنعام: 38) فتأولوها على نحو زيَّن لهم أن يفتحوا في القرآن فتحًا جديدًا، ففسروه على أساس من النظريات العلمية المستحدثة، وطبقوا آياته على ما وقعوا عليه من قواعد العلوم الكونية، وظنوا أنهم بذلك يخدمون القرآن، ويرفعون من شأن الإسلام، ويدعون له أبلغ دعاية في الأوساط العلمية والثقافية.

نظروا في القرآن على هذا الأساس، فأفسد ذلك عليهم أمر علاقتهم بالقرآن، وأفضى بهم إلى صورة من التفكير لا يريدها القرآن، ولا تتفق مع الغرض الذي من أجله أنزله الله.

هذه النظرة للقرآن خاطئة من غير شك؛ لأن الله لم يُنزل القرآن ليكون كتابًا يتحدث فيه إلى الناس عن نظريات العلوم ودقائق الفنون وأنواع المعارف.

وهي خاطئة؛ لأنها تعرّض القرآن للدوران مع مسائل العلوم في كل زمان ومكان، والعلوم لا تعرف الثبات ولا القرار ولا الرأي الأخير، فقد يصح اليوم في نظر العالم ما يصبح غدًا من الخرافات.

فلو طبقنا القرآن على هذه المسائل العلمية المتقلبة، لعرضناه للتقلب معها، وتَحَمّل تبعات الخطأ فيها، ولأوقفنا أنفسنا بذلك موقفا حرجا في الدفاع عنه. فلندع للقرآن عظمته وجلالته، ولنحفظ عليه قدسيته ومهابته، ولنعلم أن ما تضمنه من الإشارة إلى أسرار الخلق وظواهر الطبيعة إنما هو لقصد الحث على التأمل والبحث والنظر، ليزداد الناس إيمانا مع إيمانهم.

وحسبنا أن القرآن لم يصادم الفطرة، ولم يصادم –ولن يصادم– حقيقة من حقائق العلوم تطمئن إليها العقول.

قيل: يا رسول الله ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط، ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير، ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود كما كان، لا يكون على حالة واحدة؟ فنزل قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (البقرة: 189).

وإنك لتجد هذا في سؤالهم عن الروح حيث يقول الله عز وجل: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) (الإسراء: 85) أليس في هذا دلالة واضحة على أن القرآن ليس كتابا يريد الله به شرح حقائق الكون، وإنما هو كتاب هداية وإصلاح وتشريع؟) [1].

معارضة الشيخ الخولي وآخرين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير