تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[01 Feb 2010, 09:54 ص]ـ

قالوا للذين أوتوا العلم

العلم علمان:

علم مطلق، وهو علم الله تعالى سبحان من (وسع كل شيء علماً).

وعلم مقيد، وهو علم البشر.

ونعوذ بالله أن يكون عندنا اعتقاد أن العلم المطلق يكون عند المخلوقين ولو كانوا أنبئاء، وهذا الخلط بين الاثنين يضر أكثر مما ينفع.

والعلم الوارد في الآية هو العلم البشري بالوحي المسموع في ذلك المجلس المبارك (ومنهم من يستمع إليك ... ).

وهو علم مقيد بقيود كثيرة:

1) قيد الطبيعة البشرية؛ فهم بشر لا يحيطون بكل شيء علماً، وليس معصومين من أن يتطرق إليهم جهل أو غضب أو معصية.

وليس كل الناس في العلم سواء (فسالت أودية بقدرها)، وقد ذكر النبيء أنصباء الناس من العلم في تشبيهه إياه بالماء النازل وأنواع الأرض القابلة فمنها الروابي ومنها القيعان ومنها الصخور.

ورضي الله عن عمر قال حين وفاة النبيء، صلى الله عليه وسلم، في آية آل عمران (وما محمد إلا رسول ... ) لما تلاها عليهم أبو بكر: "كأنني ما سمعتها" .. فلما سمعوها ثابوا إلى الحق .. رضي الله عنهم.

ومعلوم تقسيم الصحابة إلى طبقات من جهة العلم، وتقسيمهم هذا على تلك الطبقات شاهد على اختلافهم.

وهذه الآية الكريمة لا تنفي أن الكفار قد فهموا المراد من القرآن، وقد صرح بذلك أبو جهل (نعلم أن محمداً على حقّ)، ولكنهم رفضوا الإيمان عناداً.

2) قيد السياق؛ فالآية نزلت تعرض بالكفار المنافقين الذين استمعوا إلى النبيء صلى الله عليه وسلم، فلا يعُون ولا يفقهون تهاوناً منهم، بما يُتلى عليهم من كتاب الله، وتغافلاً عما يقوله لهم الرسول ويدعوهم إليه من الإيمان .. حتى إذا انقضى المجلس قالوا لمن سمع منه تلك الموعظة وفهم منه تلك الآية إنهم يتجاهلون ما أخبرهم به، على سبيل الهزء والاستخفاف؛ أي لم نفهم ما يقول ولم نر ما نفع ذلك الذي يقوله ..

فهي تثبت موقفاً واحد، والحاضرون فيه معروفون، كابن عباس وأبي الدرداء وابن مسعود.

ولعل مثل هذه الآية قول قوم شعيب عليه السلام: (ما نفقه كثيراً مما تقول).

3) قيد الهدي القرآني وتربيته للصحابة؛ ثَمّ آيات كثيرة وسنن لم يفعلها النبيء بعدُ إبان تنزل سورة القتال التي منها هذه الآية، فكيف يوصفون بالعلم المطلق المستغرق العام أو بعلم الكتاب بكماله، ولا زال القرآن لم ينقطع عنهم .. وما فائدة تعليم المتعلم؟!. ما هو إلا علم تعلّموه من الوحي، " أو فهماً يؤتاه أحدنا في كتاب الله " كما علي رضي الله عنه ..

4) قيد اللغة؛ اللام في كلمة العلم عهدية .. لا للاستغراق ولا للعموم ..

وكلمة (أوتوا العلم) لا تعني بالضرورة أن الآخذ قد أخذه بكماله .. فهو قد قامت عليه من الله الحجة أنه قد أوتي علماً، وعليه أن يعمل به بعد ذلك.

وهي قريبة من (أوتوا الكتاب) (آتيناهما الكتاب المستبين)

وانسلخ منها بلعام (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها).

5) قيد الحضور لذلك المجلس؛ والحضور قرينة عهدية معروفة في لغة العرب. قال ابن مسعود: أنا منهم، وسئلت فيمن سئل. وابن مسعود من علماء الصحابة رضي الله عنهم.

ثم هناك علوم حصلت للصحابة بعد وفاته، وللتابعين ولمن بعدهم، فهل هي منزوعة العلم.

والعلم في عرف الصحابة هو الملازم للعمل به والتقوى والشكران لله والقيام به (إن أكرمكم عند الله اتقاكم)، هو هيئة كاملة، (إيمان + عمل) وهذا هو مناط الخيرية، وليس هو كثرة المعلومات التي تكون في أصغر حاسوب أو أصغر طالب علم من طلابنا (قارن بين مسند ابن عباس (1500 حديث) وطالب منا يحفظ البخاري مثلا (6000 حديث)، مع فقه ابن عباس وإيمانه! شتان).

ومثل آية القتال قوله تعالى في سورة سبأ:

(ويرى الذين أوتوا العلم ... )

وزيادة؛ أن (يرى) فعل مضارع يفيد التجدد الصالح لكل زمان ومكان ولكل عالم بالشرع من بني الإنسان.

فائدة: العلم الذي هو الإدراك والتمييز ليس هو شرط الإيمان .. فالإنسان قد يؤمن بما لا يعلم حقيقته، وقد يؤمن بما لا يحسن تصوره جملة وتفصيلاً، ويؤمن بما لا يستطيع التعبير عنه ولا الدعوة إليه .. وهو مع ذلك مؤمن .. وإن سرق وإن زنا .. فلماذا سمي إيماناً إذن (الذين يؤمنون بالغيب)، ولم يقول: يعلمون الغيب ..

لقد ترك لنا الصحابة الكرام حملاً ثقيلاً من الإيمان الغامر الراسخ الذي وقر في أعماق القلوب الإيمان بمصداقية الرسالة والرسول والمرسل، ومن طرائق التفكير المتنورة ومن العزائم القوية المصابرة ومن نماذج الخير البشرية التي كانت تناصر الله بحق وتأخذ القرآن بقوة وتتبع الرسول بيقين .. في حركة دائمة بذلك آناء الليل وأطراف النهار .. فاستحقوا بذلك أن يكونوا خير القرون.

ولكن التقصير والخذلان والجمود هو ما كافأناهم بهم .. وأسأل الله أن يهدينا سواء السبيل.

ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[02 Feb 2010, 12:15 ص]ـ

هناك مشكلة وهي أن من شروط التوبة العزم على عدم العود.

وأعلم أني لو عدت ألف مرة؛ ثم تبت أن باب التوبة مفتوح بشروطه.

ولكن أرجو أن لا أعود لما تبت منه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير