تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[جمال السبني]ــــــــ[04 Feb 2010, 04:04 ص]ـ

قرأت الموضوع كله وما تلاه من مناقشة ومباحثة ..

جزاكم الله خيرا ونفع بعلمكم ..

أنا أؤيد الأخ الكريم (إبراهيم الحسني) في تأكيده على أفضلية فهم الجيل الإسلامي الأول للقرآن، فهم النبي (صلى الله عليه وسلم) والصحابة (رضي الله عنهم).

يجب أن يكون لفهم القرآن الكريم معيار، بل يجب ـ أولا ـ أن ننتبه إلى أن للقرآن ـ كأي نص ـ معنى ثابتا وواحدا، فلا يمكن الآخذ بتصورات البعض التي تفيد أن للقرآن معنى متغيرا بتغير المخاطب والعصر، وبالتالي معنى متعددا بتعدد المخاطبين والعصور.

وهذا المعنى الواحد والثابت للقرآن، لا بد لاكتشافه وتشخيصه من معيار ومنهجية.

وهذا المعيار هو فهم الجيل الذي عايش نزول القرآن آية آية، جيل الذين نزلت فيهم الآيات وعاشوا مضامينها تجربة حية، جيل الذين كانوا ـ عموما ـ يقرؤون القرآن ويفهمونه كما نحن نقرأ ونفهم كلام الناس بسهولة. جيل الذين كانت أحاديثهم اليومية هي مثل اللسان العربي الذي نزل به القرآن. جيل الذين كانت ثقافتهم وذهنيتهم هي تلك التي خاطبها القرآن وانتقدها وأصلحها وأقرّ منها ..

الأخوان (البيراوي) والـ (حجازي الهوى)، لا يدركان هذه القضية، التي هي أن الصحابي هو الشخص الذي كان في المجلس، مجلس نزول الوحي، هو أحيانا يكون المتلقي الأول ـ بعد النبي صلى الله عليه وسلم، هو سمع القرآن غضا أول ما يتلى. هو ينتمي للوسط الثقافي واللغوي الذي خاطبه القرآن وعمل فيه إصلاحا وانتقادا وإقرارا لما هو جيد وصحيح فيه ..

وهذه القضية لا يمكن الفرار منها باللجوء إلى حسابات بسيطة مثل القول بأن أفضلية الصحابة في العلم والفهم لم يأت فيها نص. هذا الأمر بديهي ولا يحتاج إلى نص. الأمر أوضح من أن يذكره نص بل وأكبر.

لماذا كان علماؤنا القدامى يرجعون إلى أقوال الصحابة والتابعين والكلام العربي والشعر (ديوان العرب) في التفسير وشرح ألفاظ الآيات والأحاديث؟ لأنهم كانوا ينتبهون جيدا للقضية المذكورة آنفا.

وهي قضية علمية ودينية في آن واحد. العالم المستقل يبحث عن معاني القرآن بحسبها، فيحاول العثور على شواهد فهم الجيل الإسلامي الأول والوسط الثقافي والذهنية والذخيرة اللغوية. وهي قضية دينية أيضا، وهي أن التفسير المأثور أو التفسير بالمأثور هو المفضل وله قيمة دينية واضحة، فهو يمثل ـ عموما ـ فهم النبي (صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكرام.

لنتجاوز الحديث عن فهم الصحابة وعلمهم، باعتبار أن هذا مما وقع فيه التباس لكونه لم يرد فيه نص (!)، ولكن لنتحدث عن فهم النبي (صلى الله عليه وسلم) وعلمه: أكثر التفسيرات المسماة بالعلمية تخالف فهم النبي (صلى الله عليه وسلم). وقد مثّلتُ لهذا في مداخلة سابقة لي بتفسير آية (والشمس تجري لمستقر لها) حيث فسّر النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا الجريان بجريان الشمس اليومي والاستقرار باستقرار الشمس الليلي، ولكن سادة الإعجاز العلمي يفسرونها بحقيقة دوران الشمس حول مركز المجرة التي تنتمي الشمس إليها. إذن؛ ماذا نختار: تفسير النبي (صلى الله عليه وسلم) أم تفسيرهم؟ المفسّر المسلم المحترف يختار تفسير النبي (صلى الله عليه وسلم)، والباحث المستقل (مثل المستشرقين) يختار تفسير النبي (صلى الله عليه وسلم). وأما كتاب التفسير العلمي فيصرّون على التفسير الذي لا ينتمي إلى النص ولا إلى لغته ولا إلى سياقه ولا إلى الشاهد المأثور الذي يدلّ على الفكرة المعينة التي وراء تعبير النص.

ولا تفيد مناقشة كتاب التفسير العلمي بتنبيههم إلى الجانب اللغوي وجانب (السياق) المهمّ، فهم يتملّصون كل مرة ويؤوّلون ويصرّون على التفسير الملتوي الذي لا يقبله أي صاحب ذوق لغوي سليم في فهم النصوص ... ولكننا ننبّههم إلى أن تفسيراتهم مخالِفة لفهم الجيل الإسلامي الأول الذي كان ـ على الأقلّ الأقلّ ـ صاحب الدار وهم أدرى بما فيها (وأعتذر عن هذا التعبير الذي قد يكون غير مناسب لمقام المذكورين ولكنه يناسب ما أريد تبليغه من فكرة).

ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[04 Feb 2010, 09:33 ص]ـ

الأخ جمال بارك الله فيك

مقدمة كلامك عن فهم الصحابة وسليقتهم وأحوال تنزل القرآن كانت رائعة جداً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير