تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولكن النتيجة التي انتهيت إليها بتعميم ذلك على أنهم أدركوا كل شيء من القرآن وأنهم وسعوه فقها وعلماً وأنهم هم أصحاب الدار ومن سواهم الضيوف!!! حتى نضطر بذلك إلى نبذ ما أتت به المكتشفات الحديثة الظاهرة للعيان والبادية في الواقع .. فهذا مما لا يقبله من يحترم نعمة العقل التي جعلها الله تعالى محلاً قابلاً لفهم القرآن نفسه.

ألا فاعلم أن صاحب الدار والزمان والناس هو الله عز وجل .. ولا قداسة لبشر.

أنزل الله القرآن لكل الناس ولكل الأزمان ولكل الديار .. فلماذا يجعلونه وقفاً على جيل واحد ودار واحدة وزمن واحد ..

وهذا الجعل مع اختلاف معاييرهم في تحديد هذا الجيل، وهذا الزمن، وهذه الدار ..

أحياناً يلزمنا هؤلاء برأي رجل معاصر نراه بأعيننا بحجة أنه من السلف .. وينبذ آخر من القرن الثاني أو الثالث بحجة أنه ليس من السلف!! .. وأحيانا نلزم بخبر راوه صحابي متجوزاً عن أهل الكتاب .. فيقال هذا من هدي السلف .. وما هو من الحق في شيء ..

القائلون بالإعجاز العلمي في الغالب لا يتجاوزون فهم السلف للقرآن الذي وصل إلى أن يرتقي إلى أن يكون (سنة): "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" ..

وما فارق الغالب فهو محل ردّ وقبول.

فأنت تسمع أنهم ينقلون الأحاديث والآيات والآثار والسنن عن السلف الصالح الثابت منها والصحيح وليس يقبلون الشاذ من تلك الأقاويل المناقضة لشواهد التنزيل والعيان .. حتى تكون الأخبار الصحيحة والثابتة والمستقيمة مع القرآن الذي هو الحاكم، في كثير من الأحيان، هي مدار البحث ..

وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب ذلك القبر ..

مثال على خلل الفهم عند المعاصرين:

ولكن من الذي قال من السلف: إن الشمس هي التي تدور على الأرض؟؟ ..

أما الآيات فلا تدل على ذلك قطعاً .. إلا في حالة الجهل بدلالات اللغة وسياقات القرآن.

آية البقرة:

(إن الله يأتي بالشمس بالمشرق)

لم تقل الآية: أتت الشمسُ من المشرق، بل أسندت الآية الفعل إلى الله تعالى أنه هو الذي أتى بها، فانتفى أن تكون هي الفاعل للحركة. وفرق بين يأتي ويأتي به ويأتيني ...

وإذا كان الإتيان دالّاً عند المنكِر على الدوران فهناك ما يدل على أن الأرض تأتي أيضا مع ما يأتي من أفلاك السماء ..

قال تعالى: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرها قالتا أتينا طائعين) ..

فها هي الأرض أتت بل أتى معها كل العالم ..

كيف تجعلون الإتيان دالاً على دوران الشمس في آية وتنفونه عن آية أخرى ..

ودعونا من التأويلات .. وأعتقد أن السياق القرآني غير عاجز عن تصوير ذلك بل هو الأبلغ والأقوم.

آية الكهف:

(وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم)

واضح أن الذي احتج بهذه الآية عمي عن الفعل الذي في صدرها (ترى) .. فكل أحد من السلف إلى ما لا يعلمه إلا الله يرى الشمس بعينيه تطلع من جهة المشرق وتغيب من جهة المغرب.

والذي قال في (نظر الناظر) من المفسرين إنما فهم الآية بنصها الكامل لا فهماً مبتوراً ..

أما الدلالات الصحيحة للغة فهي:

أن الله تعالى ذكر الليل والنهار اللذان هما من خصائص الكوكب الأرض ينعكس عليه ضياء الشمس من بعيد فيكون النهار فإذا غاب ذلك الضياء كان الليل ..

والقرآن يذكر لنا أن الليل والنهار اللذان هما السبب في إظهار ضياء الشمس وغيابها هما الفاعل ..

آية سورة الشمس

(والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها) ومثلها آية سورة الليل (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى).

واضح أن النهار في الآية الكريمة هو الذي يجلي ضياء الشمس وأن الليل هو الذي يجعلها تغيب حين يغشاها، هو الذي يفعل بها ذلك المغيب فهي مغيبة لا غائبة .. أليس هذا نصاً في الآية؟.

والليل والنهار ضدان لا يلتقيان، فكيف يجتمعان (خلفة) على مفعول واحد النهار يجليه والليل يغشيه؟ ..

قال تعالى: (وهو جعل الذي الليل والنهار خلفة)

الخلفة: يخلف بعضهما بعضاً؛ يفعلان ذلك بالمخالفة والتناوب؛ هما فاعلان لهذا التنواب ..

بل نجد الآية في سورة الزمر تتحدث عن خصائص في سلخ الليل من النهار الأرضيين باعتبار أن الأرض هي الكوكب الذي يحيط به غلاف جويّ تختلط فيه الأضواء المتعاكسة .. فهذا يبين لزومية الليل والنهار المسلوخ بعضهما من بعض للأرض.

ثم آية الأعراف التي تجعل الليل والنهار يحثان السير (يطلبه حثيثاً).

ونحن لا نشعر أن الشمس فيها ذلك الطلب الحثيث .. بل نراها تكاد تكون بطيئة السير جداً ..

وكلام القرآن عن الظلال (ج ظل) المتفيئة أو الساكنة أو الممدودة هو من آثار حركة الأرض وتقلب الليل والنهار عليها.

بل انظر (يتفيأ ظلالُه) لماذا جاءت (الظلال) فاعلاً والظاهر المرئي منها يجعلنا نقول إنها منفعلة ..

وقارنها بقوله تعالى: (ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً) .. ونحن في الواقع المرئي نجعل الظل دليلا على الشمس بعكس الآية.

هل هذا الدليل هو معيار الثبات حتى يقاس به غيره من الأشياء أم المدلول عليه هو الثابت؟.

والسؤال المهم .. هل هناك في أقوال السلف الصحيحة والثابتة وغير الشاذة ما يتناقض مع ما اكتشف من هذه الحقائق؟.

أم نريد أن نثبت شيئاً لا ندرك أبعاده على دعوة الإسلام .. من حيث ندري ولا ندري؟

أم أنه قول أشربته القلوب فلا تريد أن تسمع غيره؟ .. كما تقول السيدة عائشة رضي الله عنها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير