تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذا كان كلامي كله جهلا، فكيف؟ أين الشرح والإثبات؟

ـ[جمال السبني]ــــــــ[05 Feb 2010, 01:23 ص]ـ

الأخ الكريم جمال،

1. من يفسر القرآن الكريم والسنة لابد أن يرجع إلى معنى اللفظة في عصر الرسول عليه السلام. هذا صحيح نتفق عليه.

2. فهم القرآن الكريم لا يكون بمجرد فهم معاني المفردات. ولعلنا نتفق هنا أيضاً. وقد لاحظت أنك أكثر مرونة ممن ناقشناهم، وواضح أنك لا تنتمي إلى المدرسة التي ننتقدها.

3. وبما أنك سردت أمثلة كثيرة فاسمح لي أن أناقش مثلاً واحداً، لأن الكتابة في كل مثال تطول. مع ملاحظة أننا نوافقك تماماً في مآخذك على البعض:

4. خلق الإنسان من علق: إذا رجعنا إلى المفردات للراغب الأصفهاني المتوفى 425هـ نجده يقول:"العلق التشبث بالشيء ..... العلق: دود يتعلق بالحلق ..... العلق الدم الجامد ومنه العلقة التي يكون منها الولد"، وأنت تريد هنا أن تلزمنا بمعنى واحد لكلمة العلق، على الرغم من أن الدم الرطب سمي علقاً لأنه يعلق فإذا جمد لم يعد علقاً.

وعليه فالمعنى الرئيس والأساس: أن الإنسان خلق من شيء يعلق. وأظن أن القدماء اختاروا الدم الرطب لأن علمهم صرفهم إلى هذا المعنى، لأنه لم يصح في ذلك حديث موقوف.

يقول الطاهر بن عاشور:"اسم جمع عَلَقَة وهي قطعةٌ قَدرُ الأنملة من الدم الغليظ الجامد الباقي رطْباً لم يجفّ، سمي بذلك تشبيهاً لها بدودةٍ صغيرة تسمَّى علقة، وهي حمراء داكنة تكون في المياه الحلوة، تمتص الدم من الحيوان إذا علق خرطومها بجلده وقد تدخل إلى فم الدابة وخاصة الخيل والبغال فتعلق بلهاته ولا يُتفطن لها ". وعليه فالأصل هو التعلق، ثم الدود الذي يعلق فيمتص الدم، ثم .... ألخ.

مرحبا بالأخ الكريم أبي عمرو البيراوي ونقاطه المضبوطة دائما!

هذا هو الكلام، الذي تفضلتَ به، لا أن تعتبر المشاركة كلها جهلا كما فعل الأخ الحجازي الهوى!

إذن، نحن متفقون على المرجعية التي تتمتع بها العربية في زمن نزول القرآن، أي أنه يجب أن نلتزم بمعاني المفردات كما كانت في عصر النبي (صلى الله عليه وسلم).

ونحن متفقون على أن فهم النص لا يتمّ بفهم المعنى اللفظي للمفردات فحسب، بل توجد أمور أخرى بوساطتها يمكن فهم المعنى الإجمالي للنص.

ولكن هذين المبدأين يُسقطان مجموعة كبيرة من التفسيرات العلمية من الحساب، فبالمبدأ الأول يسقط التفسير المسمى بالعلمي لكلمة (أدنى) في قوله (في أدنى الأرض) بأنها تعني (أخفض)، فهذه الكلمة لا تعني في العربي الفصيح الأصيل سوى معاني من قبيل (أقرب) و أحيانا (أقلّ)، وإذا كانت الكلمة (أدنى) أو (أدنا) مخففة من (أدنأ) المهموزة، فتعني (أكثر دناءة) أو (أوطأ مكانة ومنزلة) ومع ذلك تجب كتابة الكلمة في هذه الحالة بصورة (أدنا)، وأما تفسير (أدنى) بـ (أخفض) فليس تفسيرا أبدا، أو هو تفسير للقرآن بالمولّد، وهذا لا يمكن بحال من الأحوال، لا يمكن تفسير القرآن بعربية محدثة.

والمبدأ الثاني يسقط التفسيرات العلمية التي تركز على المعنى اللغوي مجردا ولا تلتفت إلى الأمور الأخرى المتصلة بالنص مثل السياق والعرف اللغوي والشواهد التي تدلنا على الخلفية وأسباب ورود الكلام. فمثلا: يمكن للمفسر العلمي أن يؤصل لتفسيره الخاص لقوله تعالى (والشمس تجري لمستقر لها) تأصيلا لغويا بحتا، ولكنه يهمل ـ مثلا ـ جانب السياق (السياق الذي يدلّ في ذلك الموضع من سورة يس على أن المقصود هو أمر يحدث في غضون الـ 24 ساعة التي هي ساعات الليل والنهار) أو يهملُ شاهدا مهما هو تفسير النبي (صلى الله عليه وسلم) للآية وتفسيره هذا لا يمكن إهماله لا دينيا ولا علميا.

ومثال آخر لكيفية عمل هذا المبدأ الثاني هو مثالنا المشترك (تفسير علق وعلقة)، فصحيح أن المادة كلها تدل على الالتصاق والتعلق، ولكن العرف اللغوي خصص معنى كلمة (علق أو مفردها: علقة) بأنها قطعة الدم المتجمدة التي تتعلق بالأشياء أو تتعلق بعضها ببعض، ولكن البعض من كتاب التفسير العلمي يقولون إن (علقة) في القرآن إشارة إلى خلايا الجنين المتعلقة بجدار الرحم، فهذا تحكّم وتفسير للكلمة بالهوى لأن المعنى الاشتقاقي لا يمكن تعميمه ليشمل كل ما ينطبق عليه ذلك الوصف، فلا يمكن إطلاق كلمة (علق) على كل ما يعلق أو يتعلق بالأشياء أو يتعلق بعضه ببعض، بل الكلمة في العرف اللغوي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير