تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[جمال السبني]ــــــــ[06 Feb 2010, 05:15 ص]ـ

نحن نقدم الحقيقة الشرعية على العرفية ونقدم العرفية على اللغوية.

كلام ذهبي.

العلق في اللغة ما يعلق، وهو لا يتنافى مع العرفية التي ترى أن العلقة دودة معروفة يعرفها العربي لأنه يراها في المياه أينما حل. وسميت علقة لأنها تعلق وتمتص الدم. وكان الناس يستخدمونها لتستخرج من جلودهم الدم الفاسد. من هنا من أين لك أن العلق في العرف هو الدم؟! وإن صح نقل عن الصحابة في ذلك فأرجو أن تحيلني إليه. أما أقوال المفسرين فنعرفها، وهم يفسرون بما تحتمله اللفظة وفق علوم عصورهم.

أنا لم أقل بأن "العلق في اللغة هو الدم"، هكذا على الإطلاق. بل قلت إن العرف اللغوي خصص الكلمة بشيئين من الأشياء التي تتعلق وتعلق، وهما (الدم المتجمد)، و (الدودة التي تعلق وتمتص الدم)، وأوردت هذين على سبيل المثال، وإلا فيجب أن نضيف إليهما أشياء أخرى. فالفيرزآبادي يورد هذه المعاني للكلمة في (القاموس المحيط) للـ (عَلَق):

1. الدَّمُ عامَّةً أو الشَّديدُ الحُمْرَةِ أو الغَليظُ أو الجامِدُ. القِطْعَةُ منه: عَلَقة.

2. كلُّ ما عُلِّقَ.

3. الطينُ الذي يَعْلَقُ باليَدِ.

4 - 5. الخُصومَةُ والمَحَبَّةُ اللازِمَتَانِ.

6. ذو عَلَقٍ: جَبَلٌ لِبَني أسَدٍ لهُمْ فيهِ يَوْمٌ م على رَبِيعَةَ بنِ مالِكٍ.

7. دُوَيْبَّةٌ في الماءِ تَمُصُّ الدَّمَ.

8. ما تَتَبَلَّغُ به الماشِيَةُ مِنَ الشَّجَرِ.

9. مُعْظَمُ الطَّريقِ (قاله ابن عبّاد).

10. الذي تُعَلَّقُ به البَكَرَةُ والبَكَرَةُ نَفْسُها أوِ الرِّشاءُ والغَرْبُ والمِحْوَرُ جَميعاً أو الحَبْل المُعَلَّقُ بالبَكَرَةِ.

11. والهَوَى والحُبُّ وقَدْ عَلِقَهُ كفَرِحَ وبه عُلوقاً وعِلْقاً بالكَسْرِ وبالتَّحْريكِ وعَلاَقَةً.

12. العلَق مِنَ القِرْبَةِ: كَعَرَقِها، وهو سيْر تُعَلَّقُ به. (ويُراجَع شرح الزبيدي على المادة من القاموس).

يُلاحظ على ما سبق أن المعنى العام الجامع بين هذه المعاني هو العلوق والتعلّق (ما عدا المعاني 6 والمعنى 8 والمعنى 9 فلا أعرف وجه اشتقاق الكلمة ووجه التسمية بحَسَبها). ولا يُستفاد من كلام صاحب القاموس أن الكلمة تطلَق على أي شيء يَعْلَق. بل تطلق ـ مثلا ـ على الدم خصوصا، وخاصة الدم حين يتخثر وقبل أن ييبس. وأنت تلاحظ أن الفيرزوآبادي قال أولا (العلق: الدم عامة)، وأنا لا أتصور أن تطلق الكلمة على الدم عامة وعلى الإطلاق، بل أتصور أنها تطلق على قطعة دم متجمّعة فتكون لزجة وتتعلق بالأشياء.

وقال الطبري: (وَقَوْلُهُ: "ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً" يَقُولُ: ثُمَّ صَيَّرْنَا النُّطْفَةَ الَّتِي جَعَلْنَاهَا فِي قَرَارٍ مَكِينٍ عَلَقَةً، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الدَّم ِ) ويقول أيضا: (ثم بين الذي خلق فقال " خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ " يعني: من الدم).

وقال القرطبي: ("ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ" وهو الدم الجامد. والعلق الدم العبيط، أي الطري. وقيل: الشديد الحمرة). وقال أيضا: ("خلق الإنسان من علق": قوله تعالى: "خلق الإنسان" "خلق الإنسان" يعني ابن آدم. "من علق" أي من دم؛ جمع علقة، والعلقة الدم الجامد؛ وإذا جرى فهو المسفوح. وقال: "من علق" فذكره بلفظ الجمع؛ لأنه أراد بالإنسان الجمع، وكلهم خلقوا من علق بعد النطفة. والعلقة: قطعة من دم رطب، سميت بذلك لأنها تعلق لرطوبتها بما تمر عليه، فإذا جفت لم تكن علقة).

وقال أبو الليث السمرقندي في بحر العلوم: ("ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً"، أي حولنا الماء دماً، "فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً"، أي حولنا الدم مضغة).

وقال ابن قتيبة في (غريب القرآن): ("عَلَقَةً" واحدة العَلَق، وهو الدم). .

وقال ابن دريد في الجمهرة: (والعَلَق: الدم). مادة علق.

وقال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج عَبد بن حُمَيد، وَابن المنذر، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال: العلقة الدم والمضغة اللحم والمخلقة التي تم خلقها "وغير مخلقة" السقط.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير