تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[06 Feb 2010, 09:15 ص]ـ

الأخ الكريم جمال،

1. أنا في تصحيح الأحاديث كَلٌّ على أهل الاختصاص الثقات. أما الفهم فشأن آخر.

2. لاحظتُ أن مدار السند في كل ما ذكرت من أسانيد صحت أم لم تصح على إبراهيم التيمي عن أبيه. ولم يشذ عن ذلك سند واحد مما ذكرتَ، ولا أدري إن كان للحديث أسانيد أخرى. وكلها تقريباً تدور على الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه. وستدرك مقصدي من ذلك بعد قليل.

3. إذا خالف الثقة من هم أوثق منه ضعف حديثه، فكيف إذا خالف الثقة أهل الأرض جميعاً من مسلمين وغير مسلمين. ثم نحن لا نقبل في إثبات دَين إلا شهادة عدلين ونقبل في إثبات دِين شهادة عدل واحد (لعله الأعمش، لعله إبراهيم، لعله والد إبراهيم) وهذا الواحد يخالف بدهيات أطبق عليها أهل الأرض؟!!

4. معلوم اليوم لكل أحد أن الشمس لا تغرب عن الأرض اطلاقاً، وليس هناك من فاصل بين طلوعها وغروبها، ففي كل لحظة هي في حالة غروب وشروق. فمتى تذهب إذن لتسجد ثم يؤذن لها فتطلع وهي لا تبرح الطلوع؟! وحتى تتحقق أخي جمال من ذلك يمكنك أنت ومجموعة من زملائك أن تستخدموا الجوّال لتتصلوا بمسلمين في بلاد مختلفة لتأخذوا شهادتهم أن الشمس لا تزال طالعة ولا تغيب عن الأرض اطلاقاً.

5. قد تقول لي إن سجود الشمس تحت العرش هو أمر غيبي لا نحسّه ولا ندرك كنهه، عندها أقول لك: لندع الاستشهاد بالحديث على فهمنا الخاص ولنؤمن به كغيب لا يُدرك كنهه. وإذا أمكن أن نؤوّل الحديث نؤوّله قبل أن نلجأ إلى رده (رد وهم الراوي).

6. الحديث الذي نصه:" سألت رسول الله عن قول الله عز وجل: والشمس تجري لمستقر لها، قال: مستقرها تحت العرش". مفهوم ومنسجم، فالشمس تجري وسوف تستقر ومستقرها تحت العرش. ومعلوم أن الشمس تجري في مدار هائل والمجموعة الشمسية تتبعها في جريانها والله يقول إنها ستستقر.

7. أما الأحاديث الأخرى فيمكن فهمها الفهم الذي يمنع ردّها كالآتي: الشمس تجري حتى تكون تحت العرش فيؤذن لها أن تعود في مدارها الهائل وتبقى تطلع من الشرق (أي عندما تعود في مدارها يبقى واقعها أنها تطلع من الشرق) حتى يأتي اليوم الذي تطلع فيه من الغرب، فيكون ذلك من علامات القيامة. وهذا الفهم أقدمه على فهمك حتى لا نلجأ إلى رد شهادة واحد لا ندري حفظ أم نسي.

وفقك الله شيخنا أبا عمرو فقد أحسنت في توفيقك هذا كل الإحسان .. وأزلت لبساً لا يقدره حق قدره إلا من كان مشغولاً فعلاً بهذه القضايا العلمية .. وكشفت عن سر من أسرار الإعجاز النبوي والقرآني الذي يصف أمراً من أمور الكون لن يستطيع الناس أن يتوصلوا إليه إلا من طريق الوحي الأمين .. ولا تتعارض فيه النصوص ولا تنقضي عجائبه.

بارك الله فيك وفي علمك ووقتك.

ـ[نعيمان]ــــــــ[06 Feb 2010, 10:48 ص]ـ

أعرف أن الموضوع صعب وشائك بالنسبة للمسلم، وأن المسلم يحتار في هذه المواضيع. ولكنني أعتقد أنه يمكن التوفيق بين ما ورد في النصوص عن الطبيعة وبين ما أثبته العلم الحديث عن الطبيعة، من دون أن نستشكل النصوص ومن دون أن نكذّب العلم الحديث. والموضوع يحتاج إلى التفكير السليم وإلى التعاون والتكاتف والتبصر.

وأريد أن تعرف ـ أخي أبا عمرو ـ أنني أومن بحقائق العلم الحديث كلها (الحقائق وليس النظريات) ولستُ من منكري العلم الحديث ومكذبيه، ولكن ذلك لم يجعلني أستشكل النصوص فأرفضها أو أرفض تفسيرها الأصيل، لأنني أعرف كيف أوجّه كل موضوع وجهته. القرآن الكريم يقول إن الأرض مبسوطة، وهذه حقيقة ظاهرة لكل ذي عينين، فما نراه هو الأرض المبسوطة. والعلم الحديث يقول إن كوكب الأرض شبه كروي (بالمناسبة؛ كوكب الأرض ليس كرويا تاما، وليس بيضاويا، وليس إهليلجيا، بل هو شبه كروي: مفلطح عند القطبين بارز عند خط الاستواء، أي: كروي غير تامّ)، وهذا أيضا صحيح. والموضوعان مختلفان، فالقرآن الكريم يتحدث عن بيئة الإنسان، والإنسان هو المقصود في القرآن، وبيئة الإنسان هي أرض مسطحة عموما. وأما العلم الحديث فهو يتحدث عن كوكب الأرض، فهو لا يراعي وجدان الإنسان ويعمل على اكتشاف المادة بصورة منفصلة عن ذهنية الإنسان المرتبطة بالبيئة والمحيط.

والقرآن الكريم إذ يصف الطبيعة، إنما يصف مشاهدها ولا يصف أعماق المادة. القرآن الكريم يصف ما تقع عليه عينُ الإنسان، وذلك لأن هدفه هو إقناع الإنسان. لاحِظ معي قوله تعالى (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم)، فالقمر في نفسه لا يصير مثل العرجون القديم وإنما مشهده ومنظره يصير كذلك. ولذا فالوصف القرآني وصف تصويري قد يكون ـ أحيانا ـ أشبه بتصوير فوتوغرافي.

أعتقد أن كلامي هذا هو البلسم الشافي لما يثور في وجدان المسلم المعاصر من إشكالات متعلقة بالطبيعة ووصفها في النصوص وفي العلم الحديث.

أرجو أن أكون قد وفقتُ لحلّ هذا الإشكال الذي قد يستعصي على الكثيرين فإما يرفضون حقائق العلم الحديث وإما يستشكلون النصوص فيحاولون رفضها أو رفض تفسيرها الحقيقي.

أحسنت أيّها الموفّق المبارك الأستاذ جمال!

وأحسن فضيلة الأستاذ أبو عمرو البيراوي - تلميذ الأستاذ بسّام جرّار وشبيهه في أسلوبه- وأنا متابع له جدّاً؛ فيما يكتب دائماً بأدب العالم وتواضعه، وعلمه الغزير، ومناقشته الرّاقية، وقدرته على تحرير المسائل بأناة، وصبر على المخالف دون تعصّب لرأي.

وآمل أن يكون مثالاً يحتذى في ذلك كلّه. جزاه الله خيراً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير