((رغبت منذ حداثتي أن أقوم بخدمة منتجة دائمة الأثر للجنس البشري، وليس في مقدوري أن أكتشف قارة، مثل ما فعل كولمبس، ولا أن أخترع مذياعًا، منا فعل ماركوني، ولا أن أسخر الكهرباء، مثل ما فعل أديسون، ولا أن أحلل الذرة، كما فعل أينشتاين، فليس شيء من هذا يدخل في دائرة اختصاصي .. ولكنني كرجل دين، رأيت أن أدرس القرآن .. ))
ويعلق الدكتور الخالدي على كلام الفادي بقوله:
((المؤلف عبد الله الفادي قسيس، ورجل دين نصراني، وبما أنه متخصص في الدين، فهو يريد أن يقوم بدراسة دينية، يخدم بها الجنس البشري خدمة دائمة ..
لم يبق أمامه إلا الإسلام ليدرسه، وبما أن القرآن هو أساس الإسلام، فليوجه القسيس الفادي نظراته الكنسية النصرانية إليه، ليدرسه دراسة مفصلة، يقدم بها خدمة للبشرية!))
فالفادي المسكين تراوده أحلام المجد وأن يكون في مصاف أديسون وماركوني وأينشتاين ..
لهذا وضع هذا الكتاب "خدمة للبشرية" .. !
فالمسكين أسير فكرة عجيبة استحوذت عليه وفرضت عليه المضي في هذا الطريق ..
وطبعًا لن ينال المجد إن درس القرآن دراسة منصفة محكمة ..
بل لابد أن تكون دراسته من منطلق نصراني ديني ضيق ..
كي ينال المجد الذي يحلم به!
وهذا هو موطن الخلل: الأفكار المسبقة، والتحيز والتحامل ..
وقد صرح الفادي بتحيزه المسبق في قوله في مقدمة كتابه:
((وبما أن الله واحد، ودينه واحد، وكتابه المقدس واحد، الذي ختمه بظهور المسيح كلمته المتجسد، وقال: إن من يزيد على هذا الكتاب، يزيد الله عليه الضربات المكتوبة فيه، وبما أن القرآن يقول: إنه وحي، أخذت على عاتقي دراسته)).
ويعلق الدكتور الخالدي على كلام الفادي قائلاً:
((آمن القسيس بهذه الفكرة، وتسلح بهذا السلاح، ووضع هذا المنظار على عينيه، وأقبل على القرآن بدرسه وينظر فيه، ويقدم بذلك خدمة للجنس البشري!))
ويكشف الدكتور الخالدي عن الوسيلة السليمة لدراسة القرآن:
((ولا مانع من أن يدرس أي إنسان القرآن، والقرآن لا يخشى من أن يدرسه أي إنسان، سواء كان مسلمًا أو يهوديًا أو نصرانيًا، قسيسًا أو باحثًا أو عالمًا، لكنه يشترط على الذي سيدرسه شرطًا واحدًا، هو: أن يقبل على القرآن بمقرر فكري أو عقيدي مسبق، وأن لا يحمل فكرة يريد إثباتها في القرآن! إنه إن فعل ذلك تكون دراسته منحازة متحاملة، ومن ثم سيخرج من هذه الدراسة بنتائج خاطئة، تقوم على التحامل والهوى والمزاجية ...
أما إذا وضع الدارس في ذهنه مقررًَا مسبقًا عن القرآن، وأقبل عليه يدرسه لتحقيق وتأكيد هذا المقرر، فسوف تكون دراسته متحاملة منحازة ضده، وسيكون نظره في القرآن نظرًا خاطئًا. كأن يوقن القسيس أن القرآن ليس وحيًا من الله، وأنه من تاليف البشر، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم ليس رسولاً، وإنما هو مدع مفتر، وأن في القرآن أخطاء عديدة، ثم يدرس القرآن ليأخذ منه الأدلة والأمثلة على ما يؤمن به! عند ذلك سيخرج بنتائج خاطئة، ويزعم أنه وجد الأدلة على ما يريد!))
أما عن الكتاب نفسه فيقول الدكتور:
((ونُقَدِّمُ هذا الكتاب (القرآن ونقض مطاعن الرهبان) إلى المسلمين, ليزدادوا يقيناً بأنَّ القرآن كلام الله, وأنه منزَّه عن الأخطاء والمطاعن, وليقفوا على تهافت وتفاهة أسئلة واعتراضات الكفار عليه, وليعرفوا كيفية الرَّدِّ عليها)).
ويقع الكتاب في عشرة فصول, هي:
الفصل الأول: نقض المطاعن الجغرافية
الفصل الثاني: نقض المطاعن التاريخية
الفصل الثالث: نقض المطاعن الأخلاقية
الفصل الرابع: نقض المطاعن اللاهوتية
الفصل الخامس: نقض المطاعن اللغوية
الفصل السادس: نقض المطاعن التشريعية
الفصل السابع: نقض المطاعن الاجتماعية
الفصل الثامن: نقض المطاعن العلمية
الفصل التاسع: نقض المطاعن الفنية
الفصل العاشر: نقض المطاعن الموجهة إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
والواقع أن هذا الكتاب عبارة عن معركة غير متكافئة إطلاقًا بين العلم والجهل ..
بين الدقة العلمية والخبط العشوائي ..
وقد كان واضحًا للغاية ضعف مستوى كتاب الفادي أمام انتقادات الدكتور الخالدي ..
حتى صرح الدكتور صلاح الخالدي بهذه الحقيقة في قوله:
¥