تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُلُوكَهُمْ وَرُؤَسَاءَهُمْ إِلَى الاسْلامِ وَكَتَبَ لِكُلِّ رَئِيسٍ أَنَّ عَلَيْهِ إِثْمَ قَوْمِهِ أَوْ مَرْءُوسِيهِ إِذَا هُوَ تُوَلَّى عَنِ الايمَانِ، وَلَمْ يُجِبْ دَعْوَةَ الاسْلامِ.

الصِّنْفُ الْخَامِسُ: كَالَّذِي قَبْلَهُ فِي التَّقْلِيدِ لاهْلِ الضَّلالِ تَعْظِيمًا لِجُمْهُورِ قَوْمِهِ وَمَنْ نَشَأَ عَلَى احْتِرَامِهِمْ مِنْ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ، وَاسْتِبْعَادًا لِكَوْنِهِمْ كَانُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى اتِّبَاعِ الضَّلالِ، وَأَنْ يَكُونَ هَذَا الدَّاعِي قَدْ عَرَفَ الْهُدَى مِنْ دُونِهِمْ أَوْ أُوحِيَ إِلَيْهِ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِمْ. وَهَذَا مَا كَانَتْ عَلَيْهِ عَامَّةُ الْعَرَبِ عِنْدَ ظُهُورِ الاسْلامِ. وَالايَاتُ الْمُبَيِّنَةُ لِحَالِهِمْ هَذِهِ كَثِيرَةٌ لَيْسَ هَذَا مَحَلَّ سَرْدِهَا. وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُقَلَّدَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالادْيَانِ الْمُدَوَّنَةِ ذَاتِ الْكُتُبِ وَالْهَيَاكِلِ وَالرُّؤَسَاءِ الرُّوحِيِّينَ أَنَّ تَقْلِيدَ هَؤُلاءِ الْعَرَبِ أَضْعَفُ وَجَذَبَهُمْ إِلَى النَّظَرِ وَالاسْتِدْلالِ أَسْهَلُ، وَكَذَلِكَ كَانَ. وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ ظُهُورِ الاسْلامِ فِيهِمْ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ.

الصِّنْفُ السَّادِسُ: عُلَمَاءُ الادْيَانِ الْجَدَلِيُّونَ الْمَغْرُورُونَ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ النَّاقِصِ بِهَا الَّذِينَ دُعُوا إِلَى الْهُدَى فَلَمْ يَتَوَلَّوْا عَنْهُ اتِّبَاعًا لِرُؤَسَاءَ فَوْقَهُمْ، وَلَمْ يَنْظُرُوا فِيهِ بِالاسْتِقْلالِ وَالاخْلاصِ، بَلْ أَعْرَضُوا احْتِقَارًا لَهُ لانَّهُ غَيْرُ مَا جَرَوْا عَلَيْهِ وَوَثِقُوا بِهِ، وَجَعَلُوهُ مَنَاطَ عَظَمَتِهِمْ، وَحَسِبُوهُ مُنْتَهَى سَعَادَتِهِمْ. وَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ مُقَلِّدُونَ كَعَامَّتِهِمْ، وَلَكِنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الصَّوَارِفِ عَنْ قَبُولِ الْهُدَى مَا لَيْسَ عِنْدَ الْعَامَّةِ مِنْ مَعْرِفَةِ عَظَمَةِ أَسْلافِهِمُ الَّذِينَ يَنْتَمُونَ إِلَيْهِمْ وَمَا يُنْسَبُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْعِلْمِ وَالصَّلاحِ وَالْفَضَائِلِ وَالْكَرَامَاتِ، وَمِنَ الادِلَّةِ الْجَدَلِيَّةِ عَلَى حَقِيقَةِ مَا هُمْ عَلَيْهِ.

الصِّنْفُ السَّابِعُ: الَّذِينَ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ الْهُدَى عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا الصَّحِيحِ الْمُحَرِّكِ لِلنَّظَرِ، فَلَمْ يَنْظُرُوا فِيهَا وَلَمْ يُبَالُوا بِهَا لانَّهُمْ رَأَوْهَا بَدِيهِيَّةَ الْبُطْلانِ. وَمِنْ هَؤُلاءِ أَكْثَرُ كُفَّارِ هَذَا الزَّمَانِ الَّذِينَ لا يَبْلُغُهُمْ عَنِ الاسْلامِ إِلا أَنَّهُ دِينٌ مِنْ جُمْلَةِ الأدْيَانِ الْكَثِيرَةِ الْمُخْتَرَعَةِ فِيهِ وَفِي هَذِهِ مِنَ الْعُيُوبِ وَالأبَاطِيلِ وَمَا هُوَ كَذَا وَكَذَا، كَمَا اخْتَرَعَ وَافْتَرَى رُؤَسَاءُ النَّصْرَانِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ عَلَى الاسْلامِ، وَلا سِيَّمَا مَا كَتَبُوهُ قَبْلَ تَأْلِيبِ الشُّعُوبِ الأورُبِّيَّةِ عَلَى الْحَرْبِ الشَّهِيرَةِ بِالصَّلِيبِيَّةِ. فَهَؤُلاءِ لا يَبْحَثُونَ عَنْ حَقِيقَةِ الإسْلامِ، كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لا يَبْحَثُونَ عَنْ دِينِ الْمُورْمُونِ مَثَلا.

الصِّنْفُ الثَّامِنُ: مَنْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ الْهُدَى عَلَى وَجْهِهَا أَوْ غَيْرِ وَجْهِهَا فَنَظَرُوا فِيهَا بِالاخْلاصِ وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُمْ حَقِيقَتُهَا وَلا تَبَيَّنَتْ لَهُمْ هِدَايَتُهَا، فَتَرَكُوهَا وَتَرَكُوا إِعَادَةَ النَّظَرِ فِيهَا.

الصِّنْفُ التَّاسِعُ: هُمْ أَهْلُ الاسْتِقْلالِ الَّذِينَ نَظَرُوا فِي الدَّعْوَةِ كَمَنْ سَبَقَهُمْ، وَلا يَتْرُكُونَ النَّظَرَ وَالاسْتِدْلالَ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُمُ الْحَقُّ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، بَلْ يَعُودُونَ إِلَيْهِ وَيَدْأَبُونَ طُولَ عُمْرِهِمْ عَلَيْهِ. وَهُمُ الَّذِينَ نَقَلَ الاسْتَاذُ الامَامُ عَنْ مُحَقِّقِي الاشَاعِرَةِ الْقَوْلَ بِنَجَاتِهِمْ لِعُذْرِهِمْ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير