تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نحن المسلمين. فإذا ما صدر هذا الخطأ من رَسِلْ بالذات كان الخطأ أسوأ وأشنع.

والعجيب أن رَسِل نفسه يقول شيئا قريبا جدا مما قلتُه آنفا عن الرسول، إذ كتب فى كتابه الموسوم بـ" A HISTORY OF WESTERN PHILOSOPHY: تاريخ الفلسفة الغربية"، وهو الكتاب الذى ضمن له بقية حياته دخلا منتظما، وليس مثلنا نحن الذين لا يشترى أحد من أمتنا المنكوبة بأدواء الجهل والبلادة وكراهية الثقافة شيئا من كتبنا: يا حسرة! نقول إنه كتب فى كتابه ذاك عن النبى عليه السلام ما نصه: " The Prophet made no claim to be divine, nor did his followers make such a claim on his behalf". كما قال كلاما طيبا عن الإسلام وسعة صدره مع المخالفين له فى المعتقد على عكس ما هو معروف عن المسيحية، التى عاملت مخالفيها من يهود ومسلمين معاملة بشعة غير إنسانية حسب كلامه، معبرا عن دهشته من سرعة انتشاره وما أحدثه من تغييرات واسعة سريعة فى تاريخ الإنسانية ليس لها مثيل: " Their victories were easy, and the fighting was slight. Except possibly during the first few years, they were not fanatical; Christians and Jews were unmolested so long as they paid the tribute"، "Throughout the Middle Ages, Jews had no part in the culture of Christian countries, and were too severely persecuted to be able to make contributions to civilization, beyond supplying capital for the building of cathedrals and such enterprises. It was only among the Mohammedans, at that period, that Jews were treated humanely, and were able to pursue philosophy and enlightened speculation. Throughout the Middle Ages, the Mohammedans were more civilized and more humane than the Christians. Christians persecuted Jews, especially at times of religious excitement; the Crusades were associated with appalling pogroms. In Mohammedan countries, on the contrary, Jews were not in any way ill treated". ومع هذا فإننا نراه، حتى فى هذا الكتاب يجرى على تلك السُّنّة، سنة إطلاق اسم "المحمديين" علينا نحن المسلمين!

وبالنسبة إلى ما قاله رسل عن مثال صندوق البرتقال الذى وَجَد صَفَّه العلوى فاسدا فكان هذا دليلا عنده على أن بقية الصفوف الأخرى فاسدة مثله، ولا يمكن أن يكون الأمر غير ذلك، وأن قياس سائر الكون على الكرة الأرضية ينتهى بنا حسب رأيه إلى أن الكون كله سيئ، ولا سبيل إلى تغيير سوئه حُسْنًا، فالرد عليه سهل جدا جدا، إذ إن ما توصل إليه من نتيجة هو شىء غير لازم ولا حتمية فيه، بل أقصى ما يمكن قوله أنه مجرد احتمال واحد من عدة احتمالات. ولا أدرى كيف غابت عنه هذه النظرة العلمية القائمة على دراسة الاحتمالات المختلفة لشىء ما ونسبة كل احتمال منها إلى الاحتمالات الأخرى والقاعدة التى تحكم ذلك. وهذا لو كان الظلم الذى يتحدث عنه هو ظلم إلهى وليس ظلما بشريا. ترى هل هو متأكد أن الكائنات التى فى سائر الكون بعيدا عن دنيانا الأرضية هى مثلنا كائنات بشرية؟ وهل هو متأكد أنها تشبهنا فى الخُلُق والتصرف والضمير؟ لقد كان عليه أن يسأل نفسه مثل تلك الأسئلة قبل أن يفكر فى إصدار ما أصدر من حكم، ولكنه للأسف لم يفعل. وبكل يقين فإن رَسِلْ يعرف عن هذا الكون المادى، باعتباره عالما رياضيا، أفضل كثيرا جدا مما يعرفه أغلب الناس، فكان ينبغى ألا يفوته اتساع الكون الهائل الذى لا يمكن أى عقل مهما كان واسعا وعميقا ومحيطا أن يصل إلى معرفة كنهه أو حتى أبعاده الظاهرية. فكان من الواجب اللازب عليه ألا يغامر بإصدرا مثل ذلك الحكم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير