ثم يأتي التوجيه الرابع: (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ): وهذا الأمر من أعظم الأمور أهمية، خُصُوصًا في فترات الشدة والضيق التي قد يَتسلل اليأسُ فيها إلى القلوب؛ لِيَقطعَ على السائرين إلى الله طريقَهم، والبِّشَارةُ مُهمَّة الرسل الكرام -صلوات الله وسلامه عليهم-؛ قال -تعالى-: (رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) (النساء:165)، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) (الأحزاب:45 - 46)، وهي مُهِمَّةٌ وَرِثَهَا أهلُ العلم عنهم؛ ليقوموا بها في الأمة حتى تستمر مسيرتُها مُوقنةً بوَعد الله.
وإذا كان الأعداء يَخترعون التكهُّنات ليحافظوا على مسيرتهم رغم ثبوت كذبِها وخُلْفِها، وما تكهُّنُ أَحَدِ حاخاماتهم بأن يكون يومُ 16 - 3 - 2010م يومَ بناء الهيكل الثالث إلا واحدًا مِن هذه التكهنات الكاذبة الباطلة التي لم تقع، وحاولوا أن يجعلوها رمزًا يَستنهِضون به عزائمَ اليهود في العالم نحو هدم الأقصى؛ فالمسلمون هم أصحاب الحق في بشارات الخير والنصر التي يمتلئ بها القرآنُ، وتمتلئ بها سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وعلى الدعاة إلى الله أن يُكثروا مِن ذِكرها في خُطبهم ودروسهم؛ لأن اليأس يَدفع الكثيرين للاستسلام للواقع وقَبول التبعية للأعداء والرِّضا بموالاتهم؛ وهذا يُفسِّر كيف صار مناضلو الأمس الذين كانوا يريدون إلقاء إسرائيلَ في البحر حلفاءَها اليومَ في قَمْع ذويهم وإخمادِ ثورتِهم، بل تعذيبِهم وانتهاكِ حُرُماتِهم، بل سَفْكِ دمائهم مِن أجل الأعداء!
ومِن هذه المُبَشِّرَات: قولُه -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ. لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (الأنفال:36 - 37).
وقوله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) (الفتح:28)،.
وقوله -تعالى-: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (الصافات:171 - 173).
وقوله -تعالى-: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ. إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ) (الأنبياء:105 - 106).
وقوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ. كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة:20 - 21).
وقوله -تعالى-: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) (النور:55).
وقوله -تعالى-: (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (هود:49).
وقوله -تعالى-: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (الأعراف:128 - 129).
¥