وكم من مسلم من عامة المسلمين فضلاً عن عوامهم ألمَّ به داء عضال، حتى إذا أتاه أجله وجد المحيطون به نشاطًا، فقام وتوضأ وصلى وشهد الشهادتين وأوصى بأهله خيرًا، ثم أسلم الروح إلى بارئها!
فإذا سمع إخوانه جاءوه مشيعين مستغفرين؛ لأنهم يعرفون إلى أين يذهب، فيصلون عليه، ويقفون عند قبره، ويسألون الله له التثبيت، وأما هؤلاء الذين يشيعهم المتشككون فبماذا ينفعونهم؛ وهم لا يدرون، وربما ينكرون ما هم فيه، ولا يعرفون أن استغفار العبد لأخيه ينفعه -بفضل الله-؟!
بل إن عصاة المسلمين ممن علم هذه الحقائق وقصَّر في طاعة ربه كثيرًا ما يرزق توبة قبل الموت -بفضل الله تعالى-، وكثيرًا ما يتمكن من نطق الشهادتين في فراش الموت مرات مما يُرجى له معه المغفرة.
يا هؤلاء .. أنتم لا تخافون على صاحبكم؛ وإنما تفزعون حينما تدركون حجمكم الحقيقي عند الناس، عندما يتخلى عنكم من ورَّطكم في معاداة دينكم، كحال الشيطان تمامًا: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) (الحشر:16).
يا هؤلاء .. فلتنفخوا في ذكر صاحبكم ما شئتم؛ فلن يزيده ذلك إلا خسارًا، ولن يزيدكم ذلك إلا قلقًا واضطرابًا!
ذهب "أبو زيد" ولم يسترشد بالنص الديني الذي عاداه؛ فلم يَعرف ما هو مقدم عليه، ولو كنا عند قبره لسألناه: "يا نصر أبا زيد، هل وجدت ما وعدك الله حقًا فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا؟! ".
نعم وجدنا ما وعدنا ربنا -عز وجل- حقًا حين قال: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (المنافقون:8).
ووجدنا ما وعدنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- حقًا حين قال: (وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي) (رواه أحمد، وصححه الألباني).
ووجدنا ما وعدنا ربنا حقًا حين قال: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ) (المدثر:31).
ألم يرسل الله عليك فيروسًا غامضًا -أسأل الله أن يسموه إذا علموه بفيروس أبي زيد-؟!
يا نصر أبو زيد .. "الجزاء من جنس العمل"؛ لقد كنتَ فيروسًا ينهش في قلب الأمة، ويسعى إلى تشكيك أبنائها في مصدر غذائهم ودوائهم، وهو: "القرآن الكريم"؛ إذ زعمتَ أنه بشري الصياغة والتأويل، ودعوت إلى نقده وتفنيده!
ولو أنك كنتَ متسميًا "بيتر" أو "بيريز" أو "مايكل" أو غيرها؛ لكنتَ في حس الأمة من الفيروسات المعروفة التي يعرفها جهاز المناعة، ويقاومها في منتهى السهولة، ولكنكَ تسللت في أسماء المسلمين، واعتليت كرسي التدريس لأبناء المسلمين في الجامعة.
ويعلم الله كم من طالب حديث السن غض الإهاب قد ناظرك وأفحمك على الملأ، ونافح عن دين الله؛ فما وجد منكَ غير الشتم والسب، والطرد من المحاضرة، ثم التربص في امتحان آخر العام، وهي وقائع معروفة لمن عاصر هذا الرجل مدرسًا في الجامعة.
حتى حاولت الترقي إلى درجة أستاذ؛ فسلط الله عليك من فضح عورك، وبيَّن عداوتك لدين الله -تعالى- وطعنك في كتابه، وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
يا نصر أبو زيد .. أردت أن تكون فيروسًا فتاكًا لدين الأمة؛ فأرسل الله عليك "فيروسًا" من خلقه؛ ففتك بك، والعالم ينظر، (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا) (الأحزاب:62).
وأما معشر العالمانيين .. إذا كان مصيركم إلى القبر كما هو مصير كل الخلق، وربما كان الموت قبلها بفيروس، أو بانتحار، أو حتى بالسكتة القلبية، ونحن نقول لكم: إننا ندري -بحمد الله تعالى- ما يكون بعد هذا الموت، وأنتم لا تدرون، ولا أمل لكم أن تدروا؛ فلا ندري أي الفريقين أحق بالأمن؟! (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الأنعام:81)، ولا ندري مَنْ يتبع مَنْ: (يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا) (مريم:43)؟!
قد تقولون: وما أدرانا أن الذي تدعون إليه هو الحق؟!
¥