تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قلنا: إن كنتم مسلمين قلبًا وقالبًا فيلزمكم التصديق بالكتاب والسنة، وفيهما الإجابة على كل ما تهيمون في كل الأودية بحثًا عن إجابة له، وإن كنتم غير ذلك؛ دعوناكم إلى تدبر القرآن: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) (النساء:82).

من كان منكم من أهل الأدب والبلاغة؛ فلينظر إلى نظمه وبلاغته، وحسنه وطلاوته؛ يسري فيه إيقاع آخذ كالشعر مع أنه غير محصور الأغراض مثله، فهو يناظر وينافح، ويقرر ويجادل، ويجيب عن موضوعات حار الفلاسفة في جوابها، ويقرر أحكامًا حار العقلاء في تقريرها!

ومَنْ كان منكم من أهل الفلسفة؛ فليتدبر في أنه المصدر الوحيد الذي فيه ادعاء الإجابة عن يقين -لا عن ظن وتخمين- فيما كان قبل وجودنا وفيما يكون بعدها.

ومَنْ كان مشغولاً بإصلاح أحوال العباد؛ فلينظر في تشريعاته التي تزداد الأهمية إليها كلما تقدم بها الزمان: كتحريم الربا، والمقامرة، وبيع الغرر، الذي لو طبق؛ لعصم الدنيا من الأزمات العالمية، على خلاف المذاهب الوضعية التي يذهب بهاؤها ويظهر عورها كلما بعدنا عن الظروف التي وضعت فيها.

فيا معشر العالمانيين .. توبوا إلى ربكم، وأنيبوا إليه من قبل أن يأتي أحدكم الموت، فيقول: ربِّ ارجعون.

وإذا قال قائل: بأي مستند حكمتم على الرجل بالزندقة؟!

قلنا: من أقواله المثبتة المدونة، والتي ثَبَتَ عليها حتى حكمت المحكمة بِردته؛ لما تضمنته كتبه مِن الطعن الصريح في القرآن، وادعاء أنه بشري الصياغة والتأويل، وإن تجمل وزعم أنه إلهي التنزيل؛ فجعل القرآن من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم نفى عصمة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى في البلاغ؛ مما تترتب عليه ادعاؤه أن القرآن كلام بشري! -وهذا كفر بإجماع المسلمين-، وأن قائله ومفسره هو النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو عنده بشر يخطئ ويصيب حتى في إبلاغ الدين -وهذا كفر بإجماع المسلمين-.

وإننا لنعجب ممن يصر على أن خصوم الرجل هم الإرهابيون الظلاميون، مع أن التقرير الذي أدانه كتبه أساتذة في جامعة الأزهر؛ ألا تزعمون دائمًا أنكم تريدون رد المتطرفين إلى الفكر الوسطى الأزهري، أم أن حقيقة الأمر أنكم تريدون ردهم إلى الشك والحيرة والطعن في القرآن والسنة؟!

ثم إن الذي أصدر الحكم بكفره قضاءً يزعمون ليل نهار احترام أحكامه، ثم اتضح أنه لا يُطبق إلا على البسطاء، وعلى الإسلاميين، وأما العالمانيين؛ فيسخرون ويتهكمون على أحكام القضاء صراحة، حتى إن أحدهم أصر على عدم دفع غرامة موقعة عليه في قضية تشهير بداعية إسلامي احتجاجًا على هذا الحكم، وأما الكنيسة فتغيِّر القانون؛ ليوافق المتغيرات التي تطرأ على مواقف قادتها، ولا يبقى إلا الإسلاميون تُطبق عليهم القوانين الطبيعية والاستثنائية، ومع هذا فهم الموسومون عند العالمانيين بالظلاميين!

وقد يقول قائل: وهل ناظره أحد أو ناقشه؟!

نقول: إن العالمانيين يتسترون بأسوارهم العالية، يلقون زبالتهم من ورائها، ومهما ناديت عليهم أن كفوا عنا زبالتكم؛ امتنعوا عن الإجابة، أو زعموا أنك ظلامي لا تستطيع التمييز بين الغث والسمين، وأن الذي يلقون إليك هو الشهد بعينه الوارد مباشرة من الفلسفة اليونانية والرومانية، وأن إيمانك بالنص هو الذي صوَّر لك هذا الشهد زبلاً!

ومع هذا .. فالشخص المذكور خاصة ناظره من هم دونه في السن والتمرس في البحث العلمي من طلابه في الجامعة مرات وأفحموه؛ فما كان من هذا المستنير إلا طردهم وترسيبهم في امتحانات أخر العام.

ثم أتته الفرصة في أثناء محاكمته أن يبين كيف يجمع بين انتسابه المزعوم للإسلام والطعن في القرآن، بل امتنع في ساحة المحكمة حتى من النطق بالشهادتين مع أن النطق بها في حالة مَن يطعن في القرآن أو النبي -صلى الله عليه وسلم- لا ينفعه إلا بالتوبة من هذا الطعن.

وأما إذا أصر على طعنه فالمناقشة معه ومع كل كافر بالإسلام مثله حول القرآن وإعجازه تعج بها كتب ودراسات قديمة وحديثة؛ أعمى الله قلبه عن تدبرها!

وربما قال قائل: لعله قد تاب قبل الممات!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير