أمثالهم نبحث،ويبدو، وأستغفر الله من التشاؤم والتثبيط، أن العلماء عندنا قليل بسبب أكثر من سبب. وإذا ارتقينا درجة أعلى في التقسيم والتصنيف اكتشفنا أن كلا من هؤلاء هو نتاج (برامج التعليم في العالم الإسلامي)
يشرف عليها وزير تملق إلى أمير فأصبح وزيرا ووضع في قيادة الكليات والمؤسسات من يحسن التملق له أيضا. وهكذا دواليك فالنهوض بالتعليم في العالم الإسلامي يقوم على ضبط آليات القياس والتقويم وأن النجاح في كل مجال هو إما عالمي أو لا-نجاح، ولدينا تجربة اليابان لم تقلدها إلا ماليزيا فامتازت علينا فما لنا نمشي في الوعث إعراضاً عن الجددّ فأنى تؤفكون!
جاء هذا المقال ليكشف للمتدينين الظلاميين من محتكري العقيدة الصحيحة ومسفّهي مخالفيهم من أقطاب التراث الإسلامي أن ليس كل ما هو عقلاني ضلال ولا كل ما هو تنويري ليس من الفرقة الناجية. وأن العلم قد تشعّب وتوسّع وأنك لا تستطيع أن ترفض من الخارج بكل سهولة ويسر لأنك ستبدو سمجا أشد حماقة من باقل وأحيانا وقحا سيء الأدب رغم ما تتوهمه أو تكونه من حسن نيتك، وليقول لدعاة الحداثة والتنوير إن سياسة المصالح وهي غريزة حيوانية هي التي تسيّر الأفكار وترفع الأسماء لا الإبداع الفكري والتنويري ولا هم يحزنون.
وبوصفي أتابع الإسلاميين في الثلاثين عاما الأخيرة وقد شاء الله أن يحيينا في عصر الثورة الثقافية الاجتماعية الكبرى التي جاءت بها الشبكة العالمية فإن حاجتنا إلى مقال بهذا المستوى وشخص يصبغ الأفكار بألوان تبين وضوحها كالعلامة إبراهيم عوض حاجة ماسة جداً، لأن فينا صفات جعلتنا آخر الأمم ولا نور في نهاية النفق أهمها ما يأتي
- قال الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح
يتقيأ الماضي الدمامة فوق حاضرنا الدميم
قام الكسالى من المتعصبين لتراثهم وانتمائهم وعُقدهم بمحاربة كل تنوير لا ينسدل تحت عباءتهم فالإمامية من أتباع دين الفرس وعبيدهم الذين هم ضحايا تراجيديا الحسين بن علي ومأساة كربلاء قد عَمُوا عن إدراك أن الشعب الفارسي وقد طُرِد من التاريخ قد تقنَّع بقناع مأساة كربلاء وساوى في لا-شعوره بين (مأساة الطف) وبين (مأساة سقوط إمبراطورية الفرس فجأة)، ولم يوجد مؤرخون لا في إيران ولا في جامعاتنا العربية يكشفون عن اللاشعور الفارسي الذي حمل الفرس على اختراع إسلام خاص بهم ينفّس عن كرههم للعرب ويعبدون أسرة عربية!
- أقنعة الفرس يجب على المؤرخين أن يحللوها ويقدموها للناس
كرهوا عمر بن الخطابرض1 وقتلوه لأنه أسقط دولتهم وبدلا من أن يشكروه على إدخالهم في الإسلام قاموا فادَّعوا أنه خان وصية النبي ليكون كرهه مبررا دينيا، ولما ظل الناس يحبونه قاموا فاختلقوا أنه رفس الزهراء فاطمة فأسقطها جنينا (إيوان كسرى= ضلع الزهرا)، ولأنهم حسدوا العرب على النبوة قاما فقلدوها لاشعوريا، قاموا بحجز مقعد في الملأ الأعلى لكائن متخيل على يمين جبريل أسموه صاحب الزمان، "يلتقي به مراجعهم" كما كان النبي يلتقي بجبريل، وهكذا صار مراجع الإمامية كالأنبياء في أعين الدهماء.
لقد كان من سوء حظ الإمامية وأمة الإسلام معها أن اعتمدت هذه المدرسة على ستراتيجية (البرمجة العاطفية) فقد أدركت الفلسفة منذ أفلاطون أن العواطف تقع بين العقل والغرائز تتأثر وتؤثر بكل منهما فنتج عن ذلك أن الذي يبرمَج عاطفيا يظل عقله مشلولا لما بُرمِج عليه.
وهذا هو السر في أن الإمامي يصبح دكتورا أو يسافر إلى مجتمع غربي عقلاني ويظل يوظف كل ما يكتسب من خبرات في خدمة ما بُرمج عليه عاطفيا. فهو لا يستطيع حتى أن يستنبط من تسمية علي بن أبي طالب لولده (عمر) بعد وفاة عمر أن فيها دليلا على أن عليا لا يكره عمر لأنه لا يوجد إنسان في الدنيا يسمي ولده باسم من يكره!
¥