تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقول نصر أبو زيد:"لقد كان ارتباط ظاهرتي " الشعر والكهانة " بالجن في العقل العربي، وما ارتبط بهما من اعتقاد العربي بإمكانية الاتصال بين البشر والجن هو الأساس الثقافي لظاهرة الوحي الديني ذاتها. ولو تصورنا خلو الثقافة العربية قبل الإسلام من هذه التصورات لكان استيعاب ظاهرة الوحي أمراً مستحيلا من الواجهة الثقافية، فكيف كان يمكن للعربي أن يتقبل فكرة نزول ملك من السماء على بشر مثله ما لم يكن لهذا التصور جذور في تكوينه العقلي والفكري. وهذا كله يؤكد أن ظاهرة الوحي القرآن لم تكن ظاهرة مفارقة للواقع أو تمثل وثباً عليه وتجاوزاً لقوانينه، بل كانت جزءاً من مفاهيم الثقافة ونابعة من مواضعاتها وتصوراتها ".أ. هـ[16] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn16)

ويقول أيضاً:" لم يكن القرآن في صياغته للواقع الثقافي بمعزل عن هذه التصورات فقد ذكر الجن في مواضع كثيرة وخصص سورة كاملة تنبيء عن تحول في طبيعة الجن وإيمانهم بالإسلام والقرآن بعد أن استمعوا له. والسورة من ناحية أخرى تؤكد ما كان مستقرا في العقل العربي من اتصال الجن بالسماء ومن إمكانية اتصال بعض البشر بالجن " [17] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn17). فهذا الكلام فيه تصريح ببشرية القرآن وأنه يمكن أن يكون تلقاه من الجن ونحوهم ولا شك أنهم مهدوا لمثل هذه الزندقة بنزع القداسة والصفة الإلهية عن القرآن ومن ثم بنوا عليها مثل هذه الآراء.وهذا التقرير الذي يقررونه هو تكرار باللفظ والمعنى لما يردده المستشرقون الذين يشككون في الوحي.

ويكون نصر أبو زيد أكثر صراحة حيث يقول:"إن القول بإلهية النصوص والإصرار على طبيعتها الإلهية تلك يستلزم أن البشر عاجزون بمناهجهم عن فهمها مالم تتدخل العناية الإلهية، بوهب بعض البشر طاقات خاصة تمكنهم من الفهم وهكذا تتحول النصوص الدينية إلى نصوص مستغلقة على فهم الإنسان –العادي – مقصد الوحي وغايته وتصبح شفرة إلهية لا تحلها إلا قوة إلهية خاصة وهكذا يبدو الله وكأنه يكلم نفسه ويناجي ذاته وتنفي عن النصوص الدينية صفات الرسالة، البلاغ، الهداية " [18] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn18)، ويقول أيضاً"الواقع إذن هو الأصل ولا سبيل إلى إهداره، ومن الواقع تكوّن النص،ومن لغته وثقافته صيغت مفاهيمه،ومن خلال حركته بفاعلية البشر تتجدد دلالاته، فالواقع أولاً، والواقع ثانياً، والواقع أخيراً"أهـ[19] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn19) ويقول كلاماً خطيراً مصرحاً ببشرية القرآن: "ففي مرحلة تشكيل النص في الثقافة تكون الثقافة فاعلاً والنص منفعلاً"أهـ[20] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn20)، ففي هذا النقل يتبين أن النص القرآني بزعمهم نتاج الثقافة التي عاش فيها النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى أنه من عنده وليس من عند الله فالثقافة هي الفاعلة وهي المنتجة للنص والنص منفعل مخلوق محدث ومن نتاج هذه الثقافة.

المبحث الثالث: المآل الثالث:-نفي الإعجاز عن القرآن الكريم:

وهذه نتيجة طبيعية لتبنيهم القول ببشرية القرآن وأنه ليس وحياً إلهياً من عند الله،وبعضهم حاول أن يبحث في التراث ويعمل بنصيحة الدكتور الجابري بأن ننتقي من داخل التراث ما يفيدنا في نقد التراث؛ ففكر وقدر فوجد بغيته في تبني قول النظام بالصرفة ونفي الإعجاز كما فعل الدكتور نصر أبو زيد حيث يقول:"" إذا توقفنا قليلا عند مفهوم "الصرفة"، وهو المصطلح الذي شاع بعد ذلك وصفا لتفسير النظام، قلنا إن النظام يجعل المعجزة أمرا واقعاً خارج النص،ويرتبط بصفة من صفات قائل النص وهو الله. وانطلاقاً من مبدأ التوحيد الذي حرص المعتزلة على تأكيده حرصاً شديداً يمكن أن نقول أن تصور النظام والمعتزلة للنص بأنه كلام، وبأنه فعل من أفعال الله التي ترتبط بوجود العالم، وما ترتب على ذلك من قولهم بحدوثه، كان من شأنه أن يؤدي إلى الفصل والتمييز بين الكلام الإلهي والكلام البشري، لكن تصورهم للكلام ذاته جعل التمييز بين الكلامين من جهة المتكلمين لا من جهة الكلام ذاته، ولذلك كان من الضروري أن تنتقل قضية الإعجاز من مجال العدل – مجال الأفعال- إلى مجال التوحيد، ومفارقة الصفات الإلهية لصفات البشر من كل جانب. وإذا كانت قدرة الله تعالى لا تغالبها قدرة البشر ولا تستطيع الوقوف إزاءها، فإن " العجز" الذي يشير إليه النص في تحديه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير