ويقول أركون:" إن التاريخية ليست مجرد لعبة ابتكرها الغربيون من أجل الغربيين، وإنما هي شيء يخص الشرط البشري منذ أن ظهر الجنس البشري على وجه الأرض. و لا توجد طريقة أخرى لتفسير أي نوع من أنواع ما ندعوه بالوحي أو أي مستوى من مستوياته خارج تاريخية انبثاقه، وتطوره أو نموه عبر التاريخ، ثم المتغيرات التي تطرأ عليه تحت ضغط التاريخ ... ينبغي أن أكرر هنا مرة أخرى ما يلي: إن التاريخية أصبحت " اللامفكر فيه " الأعظم بالنسبة للفكر الإسلامي لسبب تاريخي واضح جدا يتمثل في رد الفعل السني الذي حصل على يد المتوكل عام 848م، أي قبل حوالي ألف ومائتي سنة. ثم تلاه ورسخه رد الفعل القادري، وهو رد الفعل الذي أدى إلى تصفية الفلسفة التي تشتمل على علم الكلام المعتزلي وبخاصة ما يتعلق منه بالأطروحة القائلة بخلق القرآن. قد سارت على نهج المتوكل جميع الأنظمة السياسية التي تعاقبت على أرض الإسلام منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا". [38] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn38)
وهذا الكلام مستقى أيضاً من المستشرقين. [39] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn39)
والقول بتاريخية النص له آثار وخيمة ومآلات عظيمة يمكن تلخيصها في:
(1 - نفي حقيقة الوحي.
2 - جعل الوحي أسطورة من الأساطير.
3 - التحرر من سلطة الوحي وأحكامه.
4 - إلغاء أسبقية المعنى وهذا يعني القضاء على النص تماماً.
5 - أنه لا حقيقة ثابتة للنص، بل إن كان فيه حقيقة فهي نسبية زمنية.
6 - نفي القداسة عن النص، ونقله إلى حقل المناقشة والنقد الهادم.
7 - القول ببشرية النص، وأنه ليس من وحي الله تعالى، فلا عصمة له). [40] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn40)
================================================== ==
[1] (http://tafsir.net/vb/#_ftnref1) تجد هؤلاء يمجدون الفلاسفة والمعتزلة وغلاة الصوفية كالقائلين بالحلول والاتحاد كابن عربي وابن سبعين لأنهم تمردوا على الشريعة ويلبسونهم الألقاب العظيمة كأصحاب الفكر التحرري أو المتنورون القدامى ونحوها من الالقاب.
[2] ( http://tafsir.net/vb/#_ftnref2) نقد الخطاب الديني ص64.،وانظر:تقرير نفس المعنى:د. حسن حنفي في التراث والتجديدص64،وكذلك أركون في الفكر الإسلامي قراءة علمية ص11.
[3] ( http://tafsir.net/vb/#_ftnref3) د. الجابري هو من نحى هذا المنحى فنجده لم يصرح بتبني القول بخلق القرآن ولكنه قرر امور كلها تؤدي الى هذه النتيجة:-فقد قرر أمرا مخالفاً لإجماع الأمة بأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بـ (أمي)،لقد قرر الجابري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ويكتب، وهذا مع مخالفته لما في القرآن والسنة وما عليه العلماء أيضاً؛ هو متابعة منه لما قرره المستشرقون حول هذه الفرية حتى يطعنوا في القرآن وأنه يمكن أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.انظر:المدخل لدراسة القرآن الكريم (للجابري):ص: 82، 84، 93، 214. وانظر دراسة نفيسة بعنوان: (أباطيل و خرافات حول القرآن الكريم و النبي محمد- عليه الصلاة و السلام-دحض أباطيل عابد الجابري و خرافات هشام جعيط حول القرآن و نبي الإسلام- الدكتور خالد كبير علال).،وانظر:متابعة التيار العلماني لتقرير المستشرقين حول هذه القضية:كتاب الاتجاه العلماني المعاصر في علوم القرآن،د. أحمد الفاضل ص171 - 174.
- وعندما عرض الجابري تعاريف الطوائف للقرآن لما ذكر تعريف أهل السنة والجماعة وهو تعريف الإمام الطحاوي –ولكنه لم يشر اليه –عقب عليه بقوله في المدخل ص18:"ومن أكثر التعريفات مذهبية وأبعدها عن الاعتراف بحق الاختلاف في الفهم قول القائل: "القرآن الكريم كلام الله منه بدأ، بلا كيفية قولاً، وأنزله على وسوله وحياً، وصدقه المؤمنون على ذلك حقاً، وأيقنوا أنه كلام الله -تعالى –بالحقيقة، ليس بمخلوق ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر "،لعل القاريء (الكلام للجابري الآن) قد انتبه إلى ما أضافه التعريف من جديد يتعلق الأمر أولاً بقوله (بلا كيفية قولاً) والمقصود كون القرآن "كلام الله "لا يترتب عليه أن يكون هذا الكلام ذا كيفية ككلام الواحد من البشر، وبالتالي فلا يجوز التساؤل عن حقيقة هذا الكلام:هل هو كلام بالألفاظ أم كلام نفسي؟ وهل هو صفة زائدة على الذات كما هو الحال في كلام البشر أم أنه عين الذات إلخ، وأما
¥