إن الله تعالى أمر بإقام الصلاة، والصلاة تحتاج إلى بيان فقال:
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) سورة البقرة (110)
وأمر بإقامتها في أوقات تحتاج أيضا إلى بيان:
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) سورة هود (114)
(أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) سورة الأسراء (78)
وكذلك أمر بإيتاء الزكاة فما هي الزكاة؟
هل هي الحق المشار إليه في قوله تعالى:
(وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) سورة الذاريات (19)
(وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) سورة المعارج (25)
ثم ما هي الأموال التي فيها الحق؟
وما هو الحق المعلوم؟
ثم من هو السائل و من هو المحروم؟
وهل يدخلون في الأصناف الثمانية المذكورين في قوله تعالى:
(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) سورة التوبة (60)
وهل الصدقات المذكورة في الآية هي الحق المعلوم أم غيره؟
والأصناف الثمانية كل واحد منهم يحتاج إلى بيان.
وأمر الله تعالى بالحج وإن كان الحج معروفا للمخاطبين إلا إن تفصيلاته كانت بحاجة إلى بيان وقد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله "لتأخذوا عني مناسككم" وهذا لا شك أنه كان تفسيراً للقرآن وكان تدوينه ضرورة كتدوين القرآن.
ولو ذهبنا نذكر الأمثلة لطال بنا المقال ولكن أقول:
إن النبي صلى الله عليه وسلم قد فسر القرآن قولاً وعملاً وتم حفظ هذا التفسير النبوي الشريف ولولاه لما وجد أهل التفسير ما يسطرونه في تفاسيرهم.
إن القول إن السلف لم يكونوا يحتاجون إلى تفسير قول يفتقر إلى الدقة.
وليس بين القول إن القرآن يحتاج إلى التفسير وبين ما جاء فيه من آيات تشير إلى أنه واضح وبين وميسر للفهم تعارض.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[عبدالكريم عزيز]ــــــــ[26 Nov 2009, 11:57 ص]ـ
الإخوة الأفاضل جزاكم الله خيرا على هذه العطاءات المتميزة وبارك فيكم ونفع بكم.
يقول تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر9
فالله تكفل بحفظ القرآن الكريم، ومن الحفظ: البيان الذي جاء على مستويات متعددة نذكر منها:
القرآن الكريم جاء بيانا للناس {هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ} آل عمران138،
وتكفل الله ببيانه لرسوله {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} القيامة19
و أمر رسوله أن يبينه للناس { ... وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} النحل 44
وشجع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الصحابة رضوان الله عليهم على تأويله
ثم أمر الله الناس بتدبره لأنه كتاب مبارك لا يتقادم ولا ينتهي وهو صالح لكل زمان ومكان.
وبما أن العلماء ورثة الأنبياء فعلى عاتقهم:
البيان والتفسير والتأويل. وهذا الفعل لا ينقطع فهو متجدد مع تجدد الأجيال، وهذا ما نراه جليا في تراثنا العظيم الذي خلفه علماؤنا الأجلاء عبر تاريخنا المجيد وما يقدمه علماؤنا المعاصرون في ركب مبارك متسلسل إلى ما شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[26 Nov 2009, 12:53 م]ـ
وليس بين القول إن القرآن يحتاج إلى التفسير وبين ما جاء فيه من آيات تشير إلى أنه واضح وبين وميسر للفهم تعارض.
.
رعاك الله أخي الحبيب حجازي الهوى، وصدقت فليس ثمة تعارض البته.
واسمح لي أخي الفاضل في مداخلتي البسيطة بالتدقيق في عنوان مشاركتك الكريمة، فلا أوافقك في حاجة القرآن إلى بيان، خاصة وأن معظم ما درت حوله من أمثلة أوردته في باب المجمل وكأنك بهذا تقصد رديفه المبين، والحقيقة أن لا إجمال في القرآن، فقد قبض الله إليه المبين له، وانقطع الوحي، بعد التأكيد على إكمال الدين، وأنه ما فُرط فيه من شيئ، وقد وعى المصطفين من خيار الأمة الملازمين للمبلغ الكريم، كل ما يزيل مواطن الإبهام، ويبين مفصلا الإجمال، وتلقفوه بقوة باثين له باقتدار، وهكذا تلامذتهم، ومن استشرب منهجهم واقتدى بسمتهم، واتقن منهجهم، وامتلك أدواتهم، وما يذكره العلماء من تقسيمات في جانب تحليل وفقه الخطاب القرآني والشرعي عموما، بغرض التعليم وبناء المنهج، وعليه فإن المحتاج إلى البيان هو نحن، وذلك لأسباب كثيرة، منها غياب المنهج، وافتقاد الأدوات الضرورية، وتنحية المقاصد، وإغفال مراعاة البيئة وقضايا المعاصرة .. الخ.
وعليه فما يتوهم أنه محتاج إلى بيان في نصوص القرآن، هو في حقيقة الأمر يحتاج إلى إعمال المنهجية السليمة بتفعيل أدوات فقه الخطاب الشرعي، التي يوفرها بحضور قوي علم أصول الفقه.
¥