" قال أبو عبد الله بن خُوَيْزِمَنْدَاد: تضمنت الآية المنع من تلقيب الإنسان بما يكره، ويجوز تلقيبه بما يحب؛ ألا ترى أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لَقّب عمر بالفاروق، وأبا بكر بالصدّيق، وعثمان بذي النُّورين، وخُزيمة بذي الشهادتين، وأبا هريرة بذي الشّمالين وبذي اليدين؛ في أشباه ذلك ... وقلّ من المشاهير في الجاهلية والإسلام من ليس له لَقَب. ولم تزل هذه الألقاب الحسنة في الأمم كلها ـ من العرب والعجم ـ تجري في مخاطباتهم ومكاتباتهم من غير نكير.
قال الماورديّ: فأما مستحب الألقاب ومستحسنها فلا يكره. وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم عدداً من أصحابه بأوصاف صارت لهم من أجل الألقاب. " اهـ
الجامع لأحكام القرآن (19/ 394 - 395)
فما المانع أخي الكريم من قول أحدنا " سماحة الوالد " أو " فضيلة الشيخ " ونحوه طالما أننا ملتزمون بالضوابط الشرعية؟
أليس هذا من التأدِّب مع ورثة الأنبياء؟ أليس من العدل والإنصاف – أخي الكريم- أن ننزل الناس منازلهم؟
والناظر في كتب التراجم يجدها مليئة بعبارات المدح والثناء على العلماء.
وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد - رحمه الله - وغيره: " ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ".
ومن حقهم علينا أن ندعو لهم، ونثني عليهم، ونشكرهم ... من غير مبالغة ولا غلو في الثناء والمدح.
قال الإمام النووي – رحمه الله – في " تهذيب الأسماء واللغات" (1/ 18):
" ... فإن شيوخه فى العلم آباء فى الدين، وصلة بينه وبين رب العالمين، وكيف لا يقبح جهل الإنسان والوصلة بينه وبين ربه الكريم الوهاب، مع أنه مأمور بالدعاء لهم، وبرهم، وذكر مآثرهم، والثناء عليهم، وشكرهم " اهـ
ولله در شوقي حين قال:
قم للمعلم وفه التبجيلا ** كاد المعلم أن يكون رسولا
ثانيا: أعجبني قولك: "وأما عن مخاطبتي بأخي في الله، فهي مما تسعدني ولا تؤذيني، عندما أحس من قائلها صدق المشاعر وتصديق الأفعال. وما أدعو إليه هو إخراجها من دائرة الاستعمال الروتيني الذي يجريها على ألسنة الكثير من المسلمين بحكم العادة ... " اهـ
أصبت في قولك! فإن البعض يُغرقك بألفاظ الحب والأخوة في الله ... ثم إنك لا تجد عنده شيئا من حقوق الأخوة وواجباتها! ولذا تراه حين تطرق بابه – مستعينا به – مكفهر الوجه، مقطب الحاجبين! وكأنه مفجوع أو موجوع!
فالواجب علينا أن نُعيد إلى مثل هذه العبارات وزنها وقيمتها ...
وجزاكم الله خيرا.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[11 Sep 2007, 05:20 ص]ـ
جزاك الله خيرا، أخي عمار، على ما ذكرت .. وتوقير العلماء وأهل الفضل وموادتهم من شعب الإيمان، ومكارم الأخلاق. ولا أرى اختلافا في ما بيننا حول هذا الموضوع.
أما تكنية العلماء والإخوان بما يحبون وإسباغ الأوصاف الحميدة عليهم والثناء عليهم والدعاء لهم وذكر مآثرهم، فحبذا لو ينتشر بيننا هذا الأدب، بدون مبالغة ممجوجة أو إفراط مبتذل. و لعلك ترى كم يصعب في عصرنا العدل في مدح الآخرين. بل وحتى في العصور السابقة. ويخيل إلي أن الوحيد الذي استطاع أن يكون صادقا ودقيقا في كل الأوصاف التي مدح بها معاصريه هو الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأرى أن الحكم على الأوصاف لا يخرج عن أحد الأقسام التالية:
فإما أن يتفق على استحبابها في حق الرجل لصدقها ودقتها في التعبير عن ميزة الموصوف بها وفضله.
أو أن يختلف في استحبابها لاعتبارات ذوقية أو للاختلاف في تقويم الرجل نفسه.
أو يختلف فيها للمبالغة التي قد تصل إلى حدود تستدعي الحذر.
وبالنسبة إلى عبارتي (سماحة الوالد) و (فضيلة الشيخ) فقد ذكرت في كلامي أنني أتحرج من استعمالهما ولا أجد مبررا لاستعمالهما. وهذا يعني أن موقفي من العبارتين ذاتي، وذوقي. أضف إلى ذلك أنني لا أجد أي فصاحة في العبارتين عندما تسبقان اسم العالم. فهل نعني بها أنه يجسد كل ما في الوالد من سماحة مع ولده؟ أو كل ما في الشيخ من الفضل؟ فلو كان الأمر كذلك، فهل العبارة فصيحة أو بليغة؟ شخصيا لا أرى ذلك.
مع خالص المودة.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[11 Sep 2007, 11:23 ص]ـ
ما قاله الأخ الفاضل ابن جماعة هو رأي له وعليه وقد سعدنا بمن داخلوه وبرده فالناس بخير ما تناصحوا، ولا نريد أن نزيد الحياة جفافاً برفع ما تبقى من كلمات يجامل من خلالها بعضنا بعضاً.
¥