هو ما يتعلق ببيان السنة النبوية الشريفة لمجمل القرآن الكريم نحو بيانه -صلى الله عليه وسلم - لمواقيق الصلاة، وعدد ركعاتها وكيفيتها، وفي ذلك يقول -عليه الصلاة والسلام -: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
كما أنها توضح مشكله، ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجرثم أتموا الصيام إلى الليل}.
فقد عمل عدى ابن حاتم بحرفية النص، وقال: يا رسول الله إني أجعل تحت وسادتي عقالين، عقالا أبيض وعقالا أسود أعرف الليل من النهار. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: (إن وسادتك لعريض، إنما هو سواد الليل وبياض النهار).
وقد كان بعض الصحابة يراجع الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما أشكل عليه من القرآن، مثلما حدث من عمر بن الخطاب الذي لم يتبين له معنى الكلالة فراجع الرسول الكريم.
كما أن السنة تخصص عا القرآن الكريم وتقيد مطلقه. ومثال ذلك تخصيصه -صلى الله عليه وسلم - لكلمة "الظلم " في قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} بالشرك، وكذلك تقييده "اليد" في قوله تعالى: {فاقطعوا أيديهما} باليد اليمنى. كما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم - قد يبين معنى لفظة مبهمة أو غامضة، كبيان المغضوب عليهم باليهود، والضالين بالنصارى. وذلك في قوله تعالى: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}.
وقد يكون بيانه -عليه الصلاة والسلام - للقرآن الكريم عبارة عن تأكيد لما جاء فيه نحو قوله: (إنه لا يحل مال امرىء إلى بطيب منه)، فإنه يوافق قوله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}.
الثاني:
من حيث الموضوعات الكبرى التي تعرض لها الذكر الحكيم وهي ثلاث:
1 - الأحكام الفقهية المتعلقة بالحلال والحرام، وبالعبادات والمعاملات: ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم -: (لا وصية لوارث) فهذا بيان منه أن آية الوصية للوالدين والأقربين منسوخ حكمها وإن بقيت تلاوتها.
وقد بين كذلك أحكاما زائدة على ما جاء في القرآن الكريم، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وتحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع، والقضاء باليمين مع الشاهد. وقد يكون بيانه -صلى الله عليه وسلم- لما ورد من أحكام فقهية في القرآن الكريم إما "بالقول وحده أو بالفعل وحده، أو بهما معا، كما صلى وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وحج وقال: (خذوا مناسككم) ".
2 - ما يتعلق بالعقيدة وضرب الأمثال لها: من ذلك ما ورد في السنة من وصف الجنة وما بها من نعيم مقيم، والنار وما بها من جحيم وعذاب أليم، فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يتبولون، ولكن طعامهم ذلك جشاء كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتكبير كما يلهمون النفس).
3 - والقسم الثالث من بيان السنة للقرآن الكريم هو ما يتعلق بالقصص القرآني: وقد ورد شيء قليل منه في كتب السنة المعتبرة، ومن ذلك ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه فقال: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، قال أخبرني سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس -رضي الله عنهما- إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو صاحب بني إسرائيل، إنما هو موسى آخر، فقال: كذب عدو الله. حدثنا أبي بن كعب، عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل أي الناس أعلم؟ فقال: أنا. فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه. فقال له: بلى لي عبد بمجمع البحرين هو أعلم منك ... إلى آخر الحديث).
ومما ورد في كتب السنة الصحيحة من تفسيره -صلى الله عليه وسلم - لبعض آي القرآن الكريم يتبين لنا أنه قد أوتي جوامع الكلم، وأن من القرآن ما لا يتوصل إلى تفسيره إلا عن طريقه. من ذلك "تفصيل وجوه أمره ونهيه، ومقادير ما فرضه الله من أحكام. وهذا البيان هو المقصود بقوله -صلى الله عليه وسلم -: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) ".
¥