2 - أن يقع له انقلاب بين شيئين أو لفظين، فيجعل كل واحد منهما مكان الآخر وهذا هو "المقلوب".
3 - أن يقول مع رواية الحديث قولا من عند نفسه متصلا بنص الحديث، فيظنه السامعون أنه مرفوع وهذا هو "المدرج".
4 - أن يروي الحديث في مورد يجعله يتحمل من المعنى أكثر مما يحتمل.
5 - أن لا يضبط لفظ الحديث بحيث يختلف المعنى.
6 - أن يروي الحديث على غير وجهه لغفلته عن سبب الورود.
7 - أن يقع له غلط فيروي واهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما لم يسمعه منه ".
وقد اشتهرت السيدة عائشة -رضي الله عنها- بنقد متن الأحاديث، وذلك لما علمته من أحوال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ولما امتازت به من فكر متوقد وما حباها الله به من فهم وتبصر. وقد كثر نقدها لروايات أبي هريرة، وعمر، وابن عمر، وجابر، كما نقدت تفسير كعب الأحبار لآية الرؤية.
ويعترف أهل السنة بأن نقد المتن ليس لكل من هب ودب، بل هو لصفوة مختارة علمت السنة الصحيحة علما وعملا، وطالت خبرتها بعلم الحديث والسيرة النبوية العطرة، وبما كانت عليه أحواله -صلى الله عليه وسلم - في الغضب والرضى، وفي الشدة والرخاء، وفي السلم والحرب. يقول ابن قيم الجوزية في كتابه "المنار المنيف في الصحيح والضعيف ": "وسئلت هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير أن ينظر في سنده؟ فهذا سؤال عظيم القدر، وإنما يعلم ذلك من تضلع في معرفة السنن الصحيحة واختلطت بلحمه ودمه، وصار له فيها ملكة، وصار له اختصاص شديد بمعرفة السنن والآثار ومعرفة سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وهديه فيما يأمر به وينهى عنه. ويخبر عنه ويدعو إليه، ويحبه ويكرهه ويشرعه للأمة بحيث كأنه مخالط للرسول - صلى الله عليه وسلم - كواحد من أصحابه فمثل هذا يعرف من أحوال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهديه وكلامه، وما يجوز أن يخبر به وما لا يجوز: ما لا يعرفه غيره
وهذا شأن كل متبع مع متبوعه، فإن للأخص به، الحريص على تتبع أقواله وأفعاله مع العلم بها، والتمييز ما يصح أن ينسب إليه وما لا يصح، ما ليس لمن لا يكون كذلك، وهذا شأن المقلدين مع أئمتهم يعرفون أقوالهم ونصوصهم ومذاهبهم، والله أعلم".
ونقد المتن ليس عملية ذاتية، ذوقية أو مزاجية، بل هي عملية علمية معيارية، مبنية على أصول ومقاييس وضوابط جمعها ابن القيم في اثنى عشر معيارا وهي:
1 - "فمنها اشتماله على أمثال هذه المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
2 - ومنها تكذيب الحسن له.
3 - ومنها سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه.
4 - ومنها مناقضة الحديث لما جاءت به السنة الصريحة.
5 - ومنها أن يدعى على النبي -صلى الله عليه وسلم - أنه فعل امرا ظاهرا بمحضر من الصحابة كلهم، وأنهم اتفقوا على كتمانه ولم ينقلوه.
6 - ومنها أن يكون الحديث باطلا في نفسه، فيدل بطلانه على أنه ليس من كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
7 - ومنها أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء، فضلا عن كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي هو وحي يوحى.
8 - ومنها أن يكون في الحديث تاريخ كذا وكذا.
9 - ومنها أن يكون الحديث بوصف الأطباء والطرقية أشبه وأليق.
10 - ومنها أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه.
11 - ومنها مخالفة الحديث صريح القرآن.
12 - ومنها ما يقترن بالحديث من القرائن التي يعلم بها أنه باطل".
وبالوقوف على نظرية أهل السنة في نقد المتن، أو ما يسمى بالنقد الداخلي للنصوص، وعدم اقتصارهم على نقد السند وحده، يتبين لنا تهافت ما وصموا به من أنهم "زوامل أسفار" لا شأن لهم بالنظر والدارية، وإنما همتهم النقل والرواية، بل إننا نجد كثيرا من أهل السنة من ينص على أن العبرة بالدراية لا بالرواية. يقول القرطبي: "قال معاذ بن جبل: اعلموا ما شئتم أن تعلموا، فلن يأجركم الله بعلمه حتى تعملوا. قال ابن عبد البر: وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل قول معاذ من رواية عباد بن عبد الصمد وفيه زيادة: إن العلماء همتهم الدراية وإن السفهاء همتهم الرواية ... ".
¥