تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

دلالة الكتاب والسنة على خلافه، قال تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويل} ".

الراي الثاني:

لقد أدى عدم وضوح مفهوم المنهج النقلي، واعتبار دلالته اللغوية لا الإصطلاحية لدى بعض الباحثين إلى القول إن التفسير بالرأي أو العقل قد وجد سندا له عند ابن عباس، وقد قال بذلك السيد أحمد خليل: "وأغلب التفسير بالرأي أو أكثره ينتهي بسنده إلى ابن عباس ابن عم الرسول ... ".

وهذا قول غير صحيح، لأن التفسير بالرأي -كما بين ابن تيمية وغيره من أهل السنة - تفسير لا أصل له في الدين وإنما منبعه الهوى والرأي والتعصب للمذهب. وقد ذهب إلى شيء من ذلك الدكتور عفت الشرقاوي، حيث قسم التفسير بالمأثور على عهد الصحابة إلى قسمين، وفي ذلك يقول: "يستطيع الباحث أن يفرق بين جيلين من المفسرين بالمأثور يمثلان اتجاهين مختلفين، الجيل الأول وعلى رأسه الخلفاء الأربعة وعدد من الصحابة عدا ابن عباس.

والجيل الثاني ويمثل طلائعه ابن عباس ومجاهد وبعض التابعين. والفرق بين الجيلين أن أولهما كان يلتزم السكوت فيما لم يرد فيه شيء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يكتفي ببيان أسباب النزول بوصفه شاهدا لها ومعاصرا لأحداثها، أو راويا لها عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالإضافة إلى ما أثر عنه من بيان لبعض الآيات، أو توضيح لبعض المجملات أو تمييز لناسخ ومنسوخ. ولقد اعتبر حديث الصحابي في حكم الحديث المرفوع إذا كان يتعلق بسبب النزول، أو نحو ذلك ... وهناك اتجاه ثان في التفسير بالمأثور يلتزم المنقول عن الرسول -صلى الله عليه وسلم - والصحابة، ولكنه قد يستعين بالشعر أو يجتهد فيما يغيب عنه. ويعد ابن عباس طليعة هذا الإتجاه، فقد سمي (ترجمان القرآن) لأنه كان زعيم حركة التفسير في هذا العصر ".

والواقع ان منهج الصحابة واحد وقواعدهم وأصولهم واحدة، وليس هناك فريق سكت عن تفسير مالم يرد فيه شيء، وفريق انطلق مجتهدا، وإنما حقيقة الأمر أن الصحابة قد التزموا السكوت عما لا علم لهم به، لا على ما لم يرد فيه شيء عن الرسول، وهناك فرق بين الأمرين. فلئن وجدنا بعضهم قد روى عنه أكثر من غيره فما ذلك إلا لسببين -حسب رأينا- الأول لما حباه الله به من علم وموهبة فتح الله له بها كنوز كتابه العزيز، والثاني لأنه عاش إلى عصر التابعين حيث ظهرت الحاجة ملحة إلى تفسير كل القرآن الكريم، وقد اجتمعت هاتان الصفتان في الصحابة الذين كثرت عنهم الرواية. فليس الامر إذن أمر تخلص وتحرر من القواعد المنهجية التي ألزموا بها أنفسهم، وإنما هو العلم والحاجة التي كانت وراء كثرة الرواية عن بعض الصحابة.

ونؤكد هنا على ضرورة التفريق بين المعنى المعجمي للنقل، والمعنى الإصطلاحي له، فالأول يجعل دائرة النقل ضيقة جدا، إذ يحصرها في تفسير القرآن للقرآن، وبيان السنة الصحيحة الثابتة لما أجمله القرآن الكريم، أما المعنى الإصطلاحي فيجعل النقل أوسع من ذلك - وهو ما ذهب إليه أهل السنة - حيث يشمل الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين. وبذلك نستطيع أن نفهم كيف تضخم التفسير المعتمد بالأساس على النقل والذي يعرف بالتفسير المأثور، ذلك أن المفسر الأثري لم يقتصر في تفسيره على "ذكر بالروايات فقط، ولا تنتهي مهمته عند رصدها فحسب. وإنما تبدو فعاليته في اتجاهه إلى مرويات بعينها ويجمعها حول الىية الواحدة، وفي الترجيح بين هذه المرويات وتفضيل واحدة منها، أو الحكم بضعفها جميعا، والقول في الآية بما يراه في ضوء المسائل المعينة على فهم النص القرآني كأسباب النزول، أو المألوف من كلام العرب، أو الرجوع إلى الدلالة اللغوية للألفاظ في عصر النبوة، وغير ذلك مما يعين على القول في القرآن برأي".

وهذا يبرز -كما سبق أن قلنا - خطأ التصنيفات التي تجعل التفسير المأثور مرتبطا بالمعنى المعجمي للنقل، حيث يلغي المفسر عقله ويستخدم حافظته، ومن ثم وجدنا أهل السنة عندما ناقشوا قضية التأويل نصوا على أن الإجتهاد قسمان:

1 - محمود: وهو المستند إلى نص أو لا يعارض نصا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير