تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 - مذموم: وهو الذي يتبع الهوى وينتصر للمذهب، فيلوي عنق النص وينحرف به عن حقيقته الصريحة الواضحة، ويجنح به إلى الخيالات والأوهام. وفضلا عن ذلك فإن أهل السنة، خاصة منهم ابن تيمية، ينصون على أن صريح المعقول لا يتعارض مع صحيح المنقول. وبذلك يكون التفسير الأثري ليس هو الذي يعتمد النقل بالمعنى العجمي، بل الذي يستند إلى النقل بالمعنى الإصطلاحي، وأما المفسر الأثري الحق فهو الذي يجعل القرآن أمامه، والسنة سبيله إلى تكشف معاني الذكر الحكيم، ويجعلهما أصلا وحجة يقاس عليهما ولا يقاسان على غيرهما من الآراء والمذاهب، ولا يعارض القرآن لا بعقل ولا بذوق أو وجد، ولا يخالف منهج الصحابة، مما يجعل تفسيره يجمع بين النقل الذي هو الأساس الذي تقوم عليه عملية التفسير، ثم يعززه ويعضده بالعقل وذلك عن طريق دراسة الأقوال الماثورة من حيث السند والمتن، وترجيح إحداها على الأخرى، وتفسير القرآن بناء على ما استجد في حياة الأمة من أوضاع وأحوال، بحيث يمثل التفسير حالة الجيل الذي يعيش فيه المفسر. وهو في اجتهاداته واستنباطاته يوظف أدوات معرفية ألصق بالمأثور منها بالعقول، كمعرفة أحوال العرب وأهل الكتاب وقت تنزل القرآن الكريم، والمألوف من كلام العرب، وتحديد معاني الألفاظ على ما كانت عليه في عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- والإلمام بسيرة الرسول وأصحابه، والوقوف على منهج الدعوة، ومعرفة أسباب النزول والأصول والقراءات المشهورة التي أجمعت الأمة على قبولها. وفي ذلك يقول صاحب "مقدمة كتاب المباني" مبينا هذه الإزدواجية بين النقل والعقل في التفسير المأثور: "وليس لمن بعدهم ممن لم يتحققوا تلك الأحوال إلا بأخبار تنقل إليهم على ألسنة الرواة مما لا ينقطع على مغيبه باليقين، أن يتعاطوا مذاهبهم وأقوالهم في ذلك، فيأخذوا بما أجعوا عليه أخذا لا معدل عنه، وينظروا فيما اختلفوا فيه، فيتخيروا ما هو أهنأ وأهد، وأرفق بالأصول.وها هنا وجه آخر وهو أوسع -مما تقدم ذكره- مجالا وأيسره حالا، وهو حمل اللفظ على ما يحتمله من مقتضى لغة العرب واستقراء الوجوه الممكنة فيه، وهذا هو التأويل المسوغ لأهل العلم في كل وقت وزمان".

ولا يستفاد من قولنا إن أهل السنة قد ركزوا في أبحاثهم النظرية والتطبيقية في التفسير على المفهوم الإصطلاحي للنقل، أنهم قد تجاهلوا النقل بالمعنى المعجمي، بل إن هذا الأخير يعدونه قاعدة أساسية في التفسير المأثور، ومن ثم نجدهم يهتمون أيما اهتمام بمصطلح الحديث لأنه يمكنهم من مناقشة من مناقشة الطرق المختلفة التي تنقل عبرها الروايات المأثورة. كما نجدهم قد بينوا أن الخطأ في التفسير المأثور أو النقلي يرجح إلى سببين هما:

1 - نقول صحيحة لا حجة للناقل فيها.

2 - الإعتماد على أخبار موضوعة او مكذوبة أو على إسرائيليات.

ولذلك اجتنب أهل السنة - ومنهم ابن تيمية وابن كثير - الخبر الضعيف والموضوعات والإسرائيليات خاصة ما يخالف الشرع منها.

الإتجاه النقلي او التفسير المأثور:

إن التفريق بين المعنى المعجمي للنقل، والمعنى الإصطلاحي يمكننا من فهم كيفية تضخم التفسير المأثور، فالبداية كانت من القرآن حيث ما أجمل في موضع قد فصل في آخر، حتى قال العلماء بالتفسير إن القرآن يفسر بعضه بعضا. ثم إن السنة قد فصلت وبينت بعض ما أشكل فهمه على بعض الصحابة، ثم إن هؤلاء بعد أن قبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصبحوا مفسرين ومبينين للقرآن الكريم، ومصادرهم في ذلك الكتاب والسنة والإجتهاد. ويكننا أن نجمل أدوات الإجتهاد عندهم فيما يلي:

1 - معرفة أوضاع اللغة العربية.

2 - معرفة عادات العرب قبل الإسلام.

3 - معرفة أحوال اليهود والنصارى في الجزيرة العربية وقت نزول القرآن.

4 - قوة الفهم وسعة الإدراك، وعلم الموهبة.

وهناك مصدر رابع من مصادر الصحابة في التفسير وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وخاصة من دخل منهم الإسلام كعبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، ولكنهم لم يكونوا يأخذون عنهم إلا ما يرافق الشرع. وكان أن تفرق الصحابة في الأمصار بسبب الفتوحات المباركة، فكونوا في كل مصر حلوا به مدرسة تفسيرية واضحة المعالم، ومتميزة عن غيرها، وأقطاب هذه المدارس هم الذين يعرفون بالتابعين. ويمكننا أن نقف عند ثلاث مدارس، وهي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير