تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وببداية عصر تابعي التابعين تبدأ مرحلة تدوين التفسير، وقد قام بهذه العملية العلمية الجليلة في الأول رجال الحديث، ويمكن أن نعتبر الإمام مالك (93هـ/179هـ) هو أول جامع للتفسير. وفي هذه المرحلة كان المحدثون يفردون في كتبهم بابا للتفسير يجمعون فيه ما أثر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين من تفسير للذكر الحكيم.

وأما المرحلة الثانية من مراحل تدوين التفسير المأثور فهي التي انفصل فيها التفسير عن الحديث، وأفرد بتأليف خاص. وقد كانت مهمة المفسر الأثري في هذه المرحلة هي:"نقل الروايات بأسانيدها دون تعليق عليها، ودون مزج لهذه الروايات بلون آخر من الدراسة، كتفسير يزيد بن هارون السلمي المتوفى سنة 117هـ، ومقاتل بن سليمان. وتفسير عبد الرزاق الصنعاني".

وأما المرحلة الثالثة من مراحل التفسير الأثري فهي التي ألفت فيها الموسوعات التي تعتمد التفسير المأثور، ويأتي في مقدمتها تفاسير: ابن ماجة المتوفى سنة (273)، وابن جرير الطبري المتوفى سنة (310هـ)،وأبي بكر بن المنذر النيسابوري (ت 318هـ). وفي هذه المرحلة نجد تدوين التفسير المأثور يتميز بميزتين، إحداهما يشترك فيها مع المرحلة السابقة نجد تدوين المأثور يتميز بميزتين،إحداهما يشترك فيها مع المرحلة السابقة حيث دون التفسير مسندا من غير أن يكون للمفسر دور كبير وواضح ومتميز في تفسيره. والميزة الثانية تتمثل في تفسير ابن جرير الطبري، حيث نجده لا يقتصر علىنقل الروايات والأقوال والآراء. وترجيح بعضها على بعض، والإهتمام بالقراءات. وبذلك يكون ابن جرير قد خطا بالتفسير خطوة جبارة بدأت تتضح معها معالم التفسير المأثور وتتسع دائرته، وفي ذلك يقول د. محمد حسين الذهبي: "إن ما جمعه ابن جرير في تابه من أقوال المفسرين الذين تقدموا عليه، وما نقله لنا من مدرسة ابن عباس، ومدرسة ابن مسعود، ومدرسة على بن ابي طالب، ومدرسة أبي بن كعب، وما استفاده مما جمعه ابن جريج، والسدى، وابن إسحق، وغيرهم من التفاسير بالمأثور، كما أن ما جاء في الكتاب من إعراب، وتوجيهات لغوية، واستنباطات في نواح متعددة، وترجيح لبعض الأقوال على بعض كان نقطة التحول في التفسير ".

وأما المرحلة الرابعة من مراحل تطور التفسير المأثور فهي التي رويت فيها الأقوال والآراء غير مسندة، وقد كان حذف الإسناد من الأسباب الجوهرية في ضعف التفسير بالمأثور. وجدير بالذك أن حذف الإسناد مع عدم تحري الصحة، فاختلط الصحيح بالضعيف والموضوع، واستمر الأمر على ذلك إلى أن حدفت الأسانيد فكان أن ساد الكذب على السف. وممن حذف أسانيد مروياته أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي، الفقيه الحنفي المعروف بإمام الهدى المتوفى سنة 373هـ، وذلك في تفسيره "بحر العلوم"، وكذلك فعل البغوي (510هـ) في تفسيره "معالم التنزيل " حيث كان ميالا إلى الرواية عن السلف من غير ذكر الإسناد وإن كان قد ذكر أسانيد في مقدمة كتابه، ولكن ذلك لا يفي بالمقصود.

وأما المرحلة الخامسة فهي التي توجهت فيها العناية إلى جمع آثار السلف مع الحفاظ على المضامين، وعدم تجريدها من الأسانيد. وقد ظهرت هذه المحاولات بعد ان عظم خطب الإتجاهات الضالة والفرق المذهبية المنحرفة، وانعكس ذلك على حياة الأمة، حيث بدأ نوع من التفكك والإنحلال والضعف يصيبها نتيجة البعد عن الكتاب والسنة، ومخالفة منهج الصحابة والتابعين في مسائل العقيدة والشريعة، كما دعت له ظروف المواجهة مع أعداء الإسلام: المغول والتتار القادمين من الشرق، والصليبيين القادمين من الغرب فكان أن بدت الحاجة ملحة إلى إرجاء الأمة إلى منهج السلف الصالح، فهو السبيل إلى إقامة الأمة من عثرتها، وتصحيح المسار، وإذكاء روح الجهاد في النفوس من جديد. وقد قام بهذه المحاولة الرائدة أربعة من أعلام أهل السنة،وهم:

1 - ابن عطية (481هـ/546هـ) في تفسيره " المحرز الوجيز في تفسير الكتاب العزيز".

2 - عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (ت597هـ) وذلك في تفسيره "زاد المسير في علم التفسير".

3 - عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمرو بن كثير (ت 774هـ) ويعتبر تفسيره محاولة موفقة لتطبيق نظرية أهل السنة في التفسير، وذلك كما سطرها ابن تيمية في رسالته "مقدمة في أصول التفسير".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير