تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإن التفسير - هو الآخر - عند الصوفية قد انقسم إلى قسمين هما:

1 - تفسير صوفي فيضي إشاري.

2 - تفسير صوفي نظري (1).

وقد يظن البعض أنهما شيء واحد، خاصة أن بعض المفسرين قد كانت لهم محاولات تفسيرية تشمل الإتجاهين كما هو الشأن بالنسبة لابن عربي، الذي اعتبره الدكتور محمد حسين الذهبي - رحمه الله - من روادهما (2).

والواقع أن هناك فروقا دقيقة بينهما يمكن أن نجملها في النقط التالية:

1 - التفسير الصوفي النظري والتفسير الصوفي الإشاري يعتمدان منهجين مختلفين، فالأول يعتمد المنهج الرمزي الذي لا يقف عند دلالة النص اللغوية، ويحاول أن يفرض على الخطاب القرآني آراء وأفكارا مسبقة بحيث يجعله يرمز إليهما. أما الإتجاه الثاني فهو يعتمد المنهج الإشاري، أي ينطلق من إشارة النص، وهي ما يرادف إيحاءاته، بحيث يكون النص بالنسبة للمفسر منطلقا إلى آفاق رحبة يومىء إليها. ومن ثم فإنه يظل مرتبطا بالنص وله شاهد فيه (3).

2 - التفسير الصوفي النظري مبني على مقدمات فلسفية ينزل عليها القرآن الكريم، في حين نجد التفسير الصوفي الإشاري يرتكز على رياضة روحية، وعلى معرفة ذوقية، يتمكن بفضلها من تفجير معاني الخطاب القرآني (1).

3 - يعتقد الصوفي النظري ان تفسيره هو كل ما يحتمله الخطاب القرآني، أما المفسر الإشاري فهو يرى أن تفسيره ما هو إلا إمكانية من ضمن جملة إمكانيات معنوية وروحية يتيحها النص القرآني (2).

1 - التفسير الصوفي النظري أو المنهج الرمزي في الفسير

وهذا التفسير ينكره أهل السنة، لأنهم ينكرون الأسس التي يقوم عليها وهي:

1 - القرآن له ظاهر وباطن، وهذا الأخير هو الذي يتضمن حقائق الأمور، وأما الظاهر فما هو إلا رموز وأمثال لمعان باطنية لا سبيل إلى معرفتها إلا عن طريق المشايخ الذين كشفت لهم الحجب. فصاروا لا يحتاجون إلى وساطة الأنبياء والرسل للوصول إلى الحقيقة، وإدراكها، وهو نفس قول الروافض (3).

2 - وحدة الوجود والإتحاد والحلول (1).

3 - التفريق بين الحقيقة والشريعة (2).

4 - نظرية المقامات "وهي أن للنفس البشرية مقامات ترقى من واحدة منها إلى الاخرى حتى تتصل بالملأ الأعلى مصدر المعرفة ومعينها، وهذه النظرية جديدة على الإسلام بهذا الترتيب الذي وضعه المتصوفة ودعوا الناس إليه " (3).

وهذه الأسس كلها لا صلة لها بالتصور الإسلامي الخالص، بل هي خلاصة غزو ثقافي متمثل في الفلسفة اليونانية، والفكر المشرقي -الهندي والفارسي- والديانة المسيحية، وذلك هو سبب رفض أهل السنة للتفسير الصوفي النظري. بل إن منهم من يرى بأن تفسيرات الصوفية المبنية على هذه الأسس لا ينبغي أن تعد من التفسير، بل يكفرون من يدعي ذلك. يقول الزركشي -رحمه الله- (794هـ): "فأما كلام الصوفية في تفسير القرآن، فقيل ليس تفسيرا، وإنما هي معان ومواجيد يجدونها عند التلاوة، كقول بعضهم في: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار} (4): إن المراد النفس، وأمرنا بقتال من يلينا لأنها أقرب شيء إلينا، وأقرب شيء إلى الإنسانية نفسه.

قال ابن الصلاح في فتاويه: وقد وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي (ت 468هـ) أنه صنف أبو عبد الرحمن السلمي (1) "حقائق التفسير"، فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر ..

قال وأنا أقول: الظن بمن يوثق به منهم إذا قال من أمثال ذلك أنه لم يذكره تفسيرا، ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة في القرآن العظيم، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية، وإنما ذلك منهم ذكر لنظير ما ورد به القرآن: فإن النظير يذكر بالنظير " (2).

وبين ابن تيمية (661هـ/728هـ) أن طريقة أصحاب التفسير الصوفي النظري مشابهة لطريقة المفسرين على المذهب، حيث يخطئون في الدليل والمدلول لأنهم ينطلقون من أفكار وآراء، وتصورات ومتعقدات خاطئة عقلا ونقلا، ثم يعتبرونها مقدمات أو مسلمات يحملون القرآن عليها في تعسف شديد، ودون وجود أدنى ملابسة بين ما يعتقدونه وبين ما يستشهدون به على صحته وفي ذلك يقول: "وجماع القول في ذلك أن هذا الباب نوعان:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير